خلق الإنسان ضعيفا.. حقيقة انسانية تعلم الإنسان كيف يحتقر الجبروت الذي بداخله، ويدوس على كل نعرة جعلت من كل ملامحه انفا لا يشم الا رائحة نفسه، وسبحان الذي جعل من دفن الأنف بالأرض عبادة وخشوع، وكلما زاد الإنسان المسلم في عدد تقبيل الأرض بأنفه زاده خالقه رفعة، العبادة ليست انكسارا لعظم القوة بل آية تعلمنا حقيقتنا الضعيفة مهما بلغنا من شأن، ففي صلاتك تشاهد وتلمس حقيقة ذاتك المسكينة وقصر مدة بقائك في الدينا. ما رأيناه صباح الخميس الفائت في انفجار شرق الرياض، كان شكلا من أشكال الضعف الذي قرب لنا حقيقتنا نحن البشر وباعد عنا مظاهر الزهو بالقوة. قدر الله علينا أن يكون الدخان الخانق والقاتل هو مصدر قوتنا وسبب طمع غيرنا بنا، فقوتنا - بعد الله - نستمدها من الغاز؛ فلاشي لدينا يغري الخصوم أكثر منه، إن هبط سعره هبطنا معه، وإن ارتفع ارتفعنا، أكثر من 8 ملايين أجنبي جاؤوا لدارنا ليستنشقوا هواءنا الملبد بالغاز ورائحة الزيت ويدفعوا الغالي والثمين من أجل الحياة في هذا الجو، فسبحان الذي جعل سموم أرضنا غنى ومطمعا لكل سكان الأرض، واشنطن جمعت كم حلفا وحلفا من أجل هذا الدخان، وفرقت كم حلفا وحلفا من أجله أيضا، فكانت سياستها في الشرق الأوسط سياسة خانقة مثل ما هي مادة أطماعها خانقة، الصين تحاول وتحاول أن ترمي كل شعبها في نار دخاننا لنكون لها نارا ودخانا تحرق به أطماع الغرب وحتى أطماع شرقها القريب. إن أمة الدخان لا تجيد تدخينه، وصدقنا جميع التحذيرات الصحية التي تدعونا للامتناع عنه، وتعاملنا معه مثلما نتعامل مع المنكر، نتعاطاه ولا نقره. انفجار الخميس كان أشبه بإعلان غضب الغاز علينا، فمن هذا الانفجار يجب أن نتعلم أن صمت الغاز على الإهمال مثل صمت الحكيم الذي يلزم اتقاؤه، فبلد الغاز يتعامل مع الغاز بشكل بدائي وبطريقة تشبه تعاملنا مع الحطب المشتعل، فاسطوانات الغاز البدائية مازالت هي التي تشعل النار في مطابخنا ومطاعمنا واسواقنا وكأننا في سنة أولى غاز ولسنا البلد الذي يعتمد عليه العالم لتزويده بهذا المنتج الحيوي، فكثير من بلاد الله سبقتنا في تطوير استخدامها للغاز ونحن مازلنا لم ندرس سبل التطوير، فتوصيل الغاز للمنازل والمنافع عن طريق وسائل التوصيل الحديثة، أصبح مطلبا ملحا يسبق طريقة تفكيرنا في دراسة جدواه. كما نريد أن نعرف ما هي الطريقة التي يتم بها اختيار سائقي الشاحنات القابلة للانفجار، فشرط رخصة القيادة لم يعد شرطا كافيا بعدما شاهدنا خطورة هذه الفئة من السائقين، ففحص قواهم العقلية والنفسية بصورة دورية يعد أمرا ضروريا للحفاظ على سلامة الأرض وناسها. فإن كانت لنا في الدخان حياة، يجب ألا يكون لنا في طلبه واستخدامه دمار ومأساة.