كان للكلمات التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أثناء الحفل السنوي لاستقبال الشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج لهذا العام 1433ه في منى بالغ الأثر في نفوس الحاضرين لذلك الاجتماع المبارك بل تعدى ذلك التأثير إلى جميع من شاهد وسمع وقرأ تلك الكلمات في العالم أجمع لما لها من معانٍ واسعة تشمل وتخص جميع أتباع الأديان السماوية التي أُنزلت من عند الله تعالى حيث مسّت الجوانب الحسّاسة والنقاط المهمة والتي استشعرها حفظه الله من منطلق حرصه الدائم على نبذ التطرف والغلو والتشدد في الدين والحرص على الاعتدال والوسطيّة وجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم وعدم التعرض لأي دين من الأديان السماوية او لأي نبي من أنبياء الله تعالى وذلك من خلال مطالبته في كلمته أيده الله هيئة الأممالمتحدة بمشروعٍ يُدين أي دولة أو مجموعة تتعرض لأي دينٍ من الأديان أو لأي نبيٍ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأكد بأن هذا من واجبه وواجب كل مسلم للذود عن ديننا الإسلامي الحنيف والدفاع عن رُسُل الحق، لم تكن تلك الكلمات والمتمثلة في تلك المطالبة مجرد كلمات عابرة بل كانت نابعة من القلب ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية وقد سبق تلك دعوته حفظه الله إلى إنشاء "مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية " من أجل نبذ الفرقة والتباعد والاختلاف والتشدد الديني والتعايش بسلام وجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم من اجل الوقوف صفاً واحداً ضد اعداء الإسلام والمتربصين به. إن السياسة العامة للمملكة العربية السعودية في جميع المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية تؤكد دائماً وتحرص على جانب مهم وهو وجوب احترام الأديان السماوية ورسل الحق من قبل جميع الدول والجماعات والأشخاص وما تأسيس " مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات " والذي تم اتخاذ" فيينا " بالنمسا مقراً له إلا أكبرُ دليلٍ وأعظم شاهدٍ على تلك السياسة الحكيمة والمتّزنة والتي جعلت مكانة المملكة مرموقةً بين جميع الدول وقد تجسد منطق الحوار بين أتباع الديانات في ذلك المركز وذلك لأهميته في ترسيخ المبادىء المشتركة بين الأمم والحضارات والثقافات المختلفة وتعزيز مبدأ التعايش والتفاهم بين تلك الأمم ولإحلال السلام والأمن الدوليين محل النزاع والصراع والتي عانى ويعاني منها أجزاء كثيرة في غالبية دول العالم في الوقت الحالي. كما قامت المملكة قبل كل ذلك بتطبيق مبدأ الحوار محلياً عن طريق إنشاء " مركز الملك عبدالله للحوار الوطني " وذلك من أجل توفير البيئة الملائمة للحوار بين أبناء المجتمع وفئاته (ذكوراً وإناثا، صغاراً وكبارا) بما يحقق المصلحة العامة ويحافظ على الوحدة الوطنية المبنية على العقيدة الإسلامية ومنهجها في الإعتدال والوسطية وقد أثبت فعاليته في معالجة أغلب القضايا الوطنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والتربوية وذلك من خلال طرحها ومناقشتها عن طريق الحوار الهادف والبنّاء البعيد عن التعصب والأنانية وجعله أسلوباً للحياة ومنهجاً للتعامل مع كافة القضايا الوطنية. إن الطرح السليم للقضايا المحلية والدولية وتوسيع قنوات الاتصال معها ومناقشتها فكرياً عن طريق الحوار المنطقي العقلاني لهو من أنجح السُبل وأسرعها من أجل خلق البيئة المناسبة لتحقيق المنفعة العامة والتعايش السلمي وزرع روح المودة والتسامح بين الأمم والشعوب واستمرار التواصل البنَّاء فيما بينها وهذا هو محور الحديث ومقصد الكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين وفقه الله وهذا ما تقوم به المملكة وتسعى لنشره من تلك المبادئ داخلياً وخارجياً ،وفق الله قادتنا لكل خير وأعز بهم الإسلام والمسلمين .