يعد البناء النفسي لشخصية الطفل من الأمور الهامة التي يغفل عنها الوالدان، ولا يضع لها البعض أي اهتمام بالرغم من أهميتها في تشكيل شخصية الطفل وبنائه النفسي والشخصي والاجتماعي وانعكاسه على حياته ومستقبله. وقال «أ. د. عبد المنان ملا معمور بار» -أستاذ الإرشاد النفسي للدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة- إنّ البناء النفسي لشخصية الطفل يتكون من مستويات، منها الذات الفعلية الأساسية وهي فطرية نقية جوهرية، ثم الذات الشعورية، ثم الذات اللاشعورية أو العقل الباطن ويطلق عليه العقل اللاوعي، مشيراً إلى أنّ المستوى الأول من البناء النفسي الذات الفطرية النقية الطاهرة الواعية يعي بها الطفل ويمكن تشكيل هذا المستوى وتطويره في حاضر الطفل وعلى يقظة منه، وهذا الجزء مرتبط بالشعور، وبالتالي يمكن تشكيله بالمعرفة وبأنواع من السلوك الإيجابي، وبرمجته بكل أنواع المواقف الإيجابية، ودعمه بالخبرات الإيجابية خلال مراحل نموه، خاصةً في الست السنوات الأولى من حياة الطفل. مدركات إيجابية وأضاف أنّ الوالدين يمكن لهما بناء شخصية الطفل وتعزيز المواقف الإيجابية، معتبراً أنّهما مخزن للبناء النفسي الشخصي التوافقي للطفل مع ذاته ومع بيته المنزلية، والتي تنعكس إيجابياً على حياته التعاملية في المدرسة، مبيناً أنّه يمكن للوالدين في هذا المستوى أن يحرصا على غرس المدركات الإيجابية والمفاهيم السوية للمعتقدات والقيم الدينية، والاجتماعية، والروحية، والتعاملية، والحضارية، والسياسية، والثقافية، وغيرها من المفاهيم الإيجابية لبناء الشخصية السوية التي تتمتع بالصحة النفسية، وهذا المستوى من مكونات الشخصية يكشف للطفل العالم الذي يمر به ويتلقى تأثيراته النفسية والاجتماعية، كونها منظومة الخبرات الحسية، مشيراً إلى أنّ المكون الثاني لشخصية الطفل هو الذات الشعورية والتي لها تأثير كبير في الحياة النفسية للطفل، مبيناً أنّها جزء مهم لتغيير حياة الطفل، حيث يزود بالخبرات، ويحفظ المواقف والذكريات من المستوى القبلي، ويقوي الجانب العقلي لديه، ويغذي العقل الواعي له، ويمكن للوالدين إلى جانب برمجة المعايير المجتمعية العمل على تعزيز المستوى الشعوري؛ لمساعدة الطفل على التوافق مع الإيجابيات من الخبرات الحياتية، والابتعاد عن الخبرات والمواقف السلبية، معتبراً هذا المستوى في غاية الأهمية للبناء النفسي وللحياة النفسية الإيجابية لشخصية الطفل. أعراض مرضية وأشار إلى أنّه من الضروري أن يعيش الطفل بعيداً عن حياة الاضطراب النفسي أو الشعور بالاضطرابات النفسية، كونها مرحلة مهمة لبناء شخصية الطفل المتماسكة المترابطة إلى جانب مستوى العقل الباطن أو مستوى الذات اللاشعورية، وهي جميع المواقف والخبرات والحوادث السلبية التي تقع في أو تحت هذا الجزء من المكون لشخصية الطفل، مبيناً أنّ السلوكيات التي تصدر من الطفل ويكون الوالدان غير راضيين عنها؛ فهي سلوكيات لا وعي صادرة من العقل الباطن لمواقف حياتية، موضحاً أنّ سلوك الطفل يتأثر بالمخزونات غير السارة والخبرات السلبية الموجودة في العقل الباطن، وقد تظهر هذه السلوكيات في شكل أعراض مرضية نفسية أو عضوية. مواقف سابقة وقال إنّ التربية والإرشاد والبرمجة النفسية والعقلية الواعية من العقل الباطن المحسوس الشعوري مهمة جداً خلال المرحلة الأولى من الست سنوات من حياة الطفل، مبيناً أنّ العقل الباطن لا يأتي من فراغ، بل من مخزونات وخبرات ومواقف سابقة من المنزل ومن أسلوب تعامل الوالدين مع الطفل، وبالتالي فإنّ العقل الباطن له دور في المدركات الصحيحة أو المرضية لسلوك الطفل، فجميع السلوكيات انعكاس لمكونات العقل الباطن، لذا يجب أن نحرص أن تكون مخزونات ومكونات العقل الباطن من الخبرات والمواقف والمعتقدات والقيم الصحيحة السليمة الخالية من الشوائب والمواقف السلبية والمرضية لنمو الطفل، كما أنّ البرامج التربوية والنفسية والاجتماعية والصحية والثقافية تلعب دورا إيجابيا لبناء الشخصية التوافقية لفكر الطفل.