أتابع انتخابات الرئاسة الامريكية كأنني أتابع مباراة حماسية بين فريقي كرة قدم إسرائيليين. أحب كرة القدم ولكنني لا يمكن أن اميل لأي من الفريقين.. في المناظرة الأخيرة اختلف المرشحان في كل شيء ولكنهما اتفقا في مسألة إسرائيل. إسرائيل تسمى باسمها وبقية المنطقة تسمى منطقة كأنها خالية من البشر.لم يتبرع اي منهما أن يقول كلمة طيبة واحدة في حق الشعب الفسطيني البائس. كل شيء تغير في السياسة الامريكية عدا حالة التأييد المطلق لإسرائيل. لم يبق ما يمكن أن يقدمه المرشح الرئاسي لإسرائيل إلا ان يعلن نيته تصفية الشعب الفلسطيني من الوجود وربما العرب أجمعين. السؤال الذي نطرحه باستمرار : ما الذي يحدث؟ لماذا يتسابق الامريكان على إرضاء اسرائيل. قرأت مؤخرا كتاباً بعنوان اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية بقلم جون جي مارشمير وسيتفن ام والت. شكّل هذا الكتاب بالنسبة لي وكثير من قرائه (حسب المراجعات) منعطفا مهما في فهم العلاقة بين إسرائيل، وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية. من الصعب جدا حصر اللوبي الإسرائيلي في مجموعات أو منظمات محددة أو افراد فمصدر قوته افتقاره لقيادة مركزية تشكل مرجعية واحدة. ستجد بين هذه القوى تمايزات حول الكيفية التي تساعد بها امريكا اسرائيل. لا يعمل هذا اللوبي داخل الحكومة والكونجرس فحسب بل يعمل على تشكيل الرأي العام الامريكي ايضا.لكن هذا لا يعني أن العمل خال من القيادة والتوجيه او العقل الشامل. فهناك مجموعة من المنظمات المهمة التي تعمل بشكل منظم. كل منظمة تؤثر بطريقتها وحسب اجندتها: الاي باك(AIPAC ) ومركز الابحاث( WINEP ) أو فريق التصدي للقذف( إذا جازت الترجمة)(ADL ) أو الاتحاد المسيحي لمساندة إسرائل (CUFI ). ومؤتمر اليهود الامريكان (ZAO) والمنتدى الهيودي - الأمريكي(IPF) واصدقاء الليكود والمعهد اليهودي لشؤون الامن الوطني (JINSA) ومنتدى الشرق الأوسط (MEF) إضافة إلى عدد من مراكز الابحاث الجامعية التي يعمل بها افراد مؤيدون لإسرائيل. كما أن هناك عشرات من المنظمات المالية التي تمد يد العون لمؤيدي إسرائيل بالمال اللازم. إلى جانب هذه المنظمات الصريحة هناك افراد مؤثرون يعملون بشكل نشط ومجموعة سياسية كبيرة ومثقفون غير يهود ولا علاقة لهم مباشرة بإسرائيل ولكن ترتبط مصالحهم بهذا اللوبي او الآخر. الشيء الذي يجب ان نعرفه أن هذه المؤسسات لا تكتفي بدعم سياسات إسرائيل. بقوة هذا اللوبي تحصل إسرائيل على مساعدات لايمكن تصورها. في عام 2005 تجاوزت المساعدات الامريكية العينية لإسرائيل ال 150 بليون دولار. معظمها مساعدات غير مستردة. هذا الرقم لا يشكل مجموع قيمة المساعدات. فمثلا المساعدة لمصر أو للأردن هي في الواقع مساعدة لإسرائيل لانها مشروطة بالسلام مع إسرائيل ومن اجل إسرائيل. يعقد المؤلفان مقارنة بين المساعدات لإسرائيل، والمساعدات للدول الصديقة الفقيرة. يحصل كل إسرائيلي من امريكا على 500 دولار سنويا بينما يحصل المصري على 20 دولارا أما الباكستاني فلا يحصل على أكثر من 5 دولارات. الكتاب مليء بالمعلومات المهمة عن سيطرة إسرائيل على مفاصل القوى في امريكا. مؤلفا الكتاب لايمكن اتهامهما بمعادة السامية أو اليهودي الكاره نفسه (رغم ذلك اتهما). صدور ومناقشة الكتاب على مستوى الولاياتالمتحدة يعكس اتجاها جديدا ينطوي على نقد هذه السياسة وتحديها. نشرت المسودة الاولى من الكتاب في موقع مدرسة كيندي 2006 وجاءت الاحصائية مهولة حيث انزل منه أكثر من 275 ألف نسخة ونقد وقرض في كل الجرائد والنشرات الامريكية المهمة. إنه كتاب جدير بالقراءة والترجمة إلى العربية الكتاب: THE ISRAEL LOBY AND US FOREIN POLICY BY JOHN J. MEARSHEIMR AND STEPHEN M. WALT ويمكن الحصول عليه من موقع: AMAZON.COM. يصلك في غضون أيام.