الآنسة «س»! ممكن يكون اسمها سعاد أو سامية أو سالي أو سونيا أو حتى حصة بعيداً عن الحساسية التي تخلفها لدينا الأسماء، خاصة وأن حساسيتنا الاجتماعية مرتفعة هذه الأيام، وقد يكون السبب في ذلك هو ارتفاع درجة الحرارة أو الزحام الذي لم يختف مع بدء الصيف، أو موسم التقديم للجامعات والبحث عن واسطة حتى يدخل الولد الذي بلغت نسبته في الثانوية العامة ثمانية وتسعين من مائة إلى كلية الطب أو موسم الحجوزات والبحث عن مقعد في أي طائرة على رحلة داخلية أو خارجية بدلاً من أن نغني : على سلم الطائرة بكيت وحدي بكيت! وقد لا يكون لحساسيتنا هذه أسباب واضحة ربما هي حالة مزاجية، لذلك لنعد للآنسة «س». والآنسة «س» تجاوزت الأربعين من العمر، وهي الثانية بين اخوتها الخمسة، اثنان منهم من الذكور تقف على شنباتهما الصقور، توفي والدها منذ فترة، لذلك آلت أحوالها إلى شلة الذكور أحدهم أكبر منها والآخر هو آخر العنقود المدلل! سنتحدث عن «ذكر رقم 1» والذي كان يعمل مع الوالد رحمه الله في تجارته وهو رجل يفهم في التجارة وحياته كلها صفقات ويحسبها جيداً، لذلك فإنه ومنذ أن تزوج فقد فصل حياته عن اخوته وجعل علاقته بهم رسمية، بما فيها علاقته مع الآنسة «س» التي اختارت ولسوء حظها أن يكون هو ولي أمرها! لماذا قلت «لسوء حظها» ستعرفون بعد قليل، ذكر رقم «1» ليس بسيد المنزل، هو سيد الشركة يصرخ على موظفيه بدءاً من البواب ومروراً بنائب المدير العام، لكنه في البيت هو إنسان مسالم تحركه زوجته يميناً وشمالاً، فهي التي تقرر كل شيء، وهي التي تحدد علاقته بأقرب أقربائه بدءاً من أمه واخوته ومروراً بأصدقائه، وهي تجيد لعبة الشطرنج جيداً، وتجيد إقناعه بأن هذا يحبه وهذا يكرهه، وهذه وإن كانت أخته إلا أنها ترغب في استغلاله لذلك فإن أمور الآنسة «س» كانت تعتمد على مزاج حرم السيد «ذكر رقم 1»، وقد عرفت الآنسة «س» ذلك منذ البداية، منذ أن رفض أخوها أن يعطيها تصريح خروج للسفر خارج البلاد وذلك بدون أي تفسير سوى كلمة «لا» أو عبارة «أنا حر». السيدة «س» جلست في منزلها في تلك الصيفية وانشغلت برعاية أولاد «ذكر رقم 1» الذي سافر في رحلة خاصة مع زوجته المصون! وأعتقد أنكم وبعد هذه الجملة عرفتم سبب عدم إعطائه لها إذناً بالسفر، فالآنسة «س» كانت بالنسبة له ولزوجته جليسة أطفال. بعد تلك الحادثة المشهورة التي تبعتها شكلة كبيرة و«خناقة» تدخل فيها أولاد العم وبنات الخالة والأقرباء والجيران، تم جعل الأخ الأصغر «ذكر رقم 2» مسؤولاً عن الآنسة «س» أي يكون ولي أمرها، ذكر رقم «2»شاب في منتصف العشرينيات، لم ينه بعد دراسته الجامعية، من الرواد الدائمين للمقاهي والمطاعم والاستراحات، وهو «مفلس» دائماً! الآنسة «س» لديها سياسة خاصة للتعامل معه فسياسة «ادفع تجد ما يسرك» ناجحة جداً معه، وعلاقتهما الأخوية هي علاقة توافق مصالح فالصغير يريد المال والآنسة «س» تريد رجلاً ينهي معاملاتها بدون تردد أو عناد، بمعنى أصح يمكننا أن نقول إن ذكر رقم «2» يعمل كمعقب لدى الآنسة «س»، التي ارتاحت من إزعاج زوجة أخيها الكبير ومعاناتها معهما. لكن دوام الحال من المحال، فطلبات ذكر رقم «2» ستكثر مع الأيام وستصل معه إلى طريق مسدود، هذا ما قالته لها إحدى زميلاتها في لحظة صفاء وهي تنصحها قائلة: تزوجي سواء كان زواجاً عادياً أو مسياراً وبدلاً من أن تصرفي على أخ عاطل اصرفي على زوج عاطل! الآنسة «س» تفكر في خطة بديلة في حالة انقطاع العلاقة بينها وبين أخيها الصغير! فهي لا تريد أن يتوقف حالها وتصبح أسيرة لمزاجه في آخر عمرها! أما نصيحة زميلتها فهي مازالت محل نظر! قصة خيالية... ترى هل لها أي علاقة بالواقع؟