هناك مشاكل تحدث بين الزوجين بعد أن يتقدم الزوجان في العمر، ويمضي على زواجهما سنوات طويلة. هذه المشاكل تتعدد وتختلف وفقاً للعلاقة التي كانت تسود بين الزوجين. أكثر العلاقات حساسيةً هي العلاقة الحميمة بين الزوجين المسنين، اللذين تقدما في العمر. حول هذه المشكلة يدور فيلم Spring Hopes، حيث أن الفيلم الذي تقوم ببطولته الممثلة الأمريكية ميريل ستريب والممثل الكبير تزم لوي جونز، حيث يمثلان دور زوجين مضى على زواجهما 31 عاماً، وقد انفصل الزوج بغرفة مستقلة عن زوجته لأكثر من خمس سنوات؛ بدأ الانفصال بعد أن شعر الزوج ببعض الالام وانفصل في البداية لفترة مؤقتة حتى يشفى من الالام، ولكنه استحسن أن ينام لوحده في غرفةٍ مستقلة، ومع انفراده في النوم بغرفة مستقلة، توقفت العلاقة الحميمة بين الزوجين، وحتى اللمسات الحميمة انقطعت بينهما. الأبناء استقلّوا بحياتهم وتزوجوا وأنجبوا أطفالاً، وأصبحوا لا يزورون الوالدين إلا في المناسبات، وبقي الزوجان وحدهما في المنزل. الزوجة لا تعمل ولكنها تقوم بدور ربة المنزل التي ترعى كل شؤون البيت لوحدها، والزوج يقوم بدفع الفواتير. تحاول الزوجة تغيير الوضع في المنزل، فتأتي إلى غرفة الزوج في بعض الليالي وتطلب منه أن تُشاركه الفراش، فيسألها ماذا حدث لغرفتها؟ فتُجيبه بأن لا شيء حدث لغرفتها، ولكنها تُريد أن تشاركه النوم في فراشٍ واحد كما كان الحال في السنوات السابقة، فيعتذر بأنه مُتعب وعليه أن يستيقظ مُبكراً لكي يذهب إلى عمله، وأنه يرغب في أن ينام وحيداً! تضطر إلى الرجوع إلى غرفتها حيث الملل والوحدة التي استمرت لسنوات وهي لا تعرف كيف تُغيّر هذا الوضع الذي يؤلمها كثيراً. فهي تُحب زوجها وتريد أن تعود العلاقة بينهما كزوجين كما كانت في السابق، ولكن الزوج تأقلم مع هذا الأمر وأصبح سعيداً بهذا الوضع دون أن يُبرر لزوجته لماذا يُريد أن ينام كل واحدٍ منهما في غرفةٍ لوحده؟ عندما تُناقشه يبتر المحادثة بأنهما أصبحا كبيرين في السن. تحاول أن تشرح له بأنها لا تُريد علاقةً جسدية حميمة معه، ولكنها تفتقد لمساته الحانية لها وقبلاته واحتضانه لها، فيرد بنفس الإجابة بأنهما أصبحا كبيرين على مثل هذه الأفعال، و أن لهما أكثر من 13 عاماً متزوجان وأصبح لهما أحفاد. ترد عليه بحنق: وما الذي يمنع أن يكون بينهما علاقة لطيفة، ليست على وجه التحديد علاقة جسدية يخاف منها! يجيبها بأنه يُقبلّها كل صباح قبل أن يذهب إلى العمل. تقول له بأن قبلته التي يُقبلّها إياها قبل العمل قبلة باردة.. روتينية، لا تحمل أي طعم أو نكهة، يفعلها كما يقوم بتناول إفطاره وأخذ جريدته الصباحية وإغلاق حقيبة العمل التي يحملها كل يوم.. إنها جزء من الطقوس التي يقوم بها كل صباح والتي تتضمّن من ضمن ما يفعل أن يُقبّل زوجته بطريقة تقليدية.. روتينة.. دون أن يشعر بأي شيء تجاهها وهو يُقبّلها. يتجنّب المناقشة ويبرر هروبه من المناقشة بأن سوف يتأخر عن عمله فيتناول إفطاره الصباحي الذي لا يتغيّر أبداً! تجد الزوجة إعلاناً عن دورة مُكثّفة للعلاج الزوجي في مدينة أمريكية ساحلية يقوم بها مُعالج متخصص في العلاج الزوجي لمدة اسبوع. قرأت كتباً عن هذا الموضوع فأعجبها أن تنخرط في هذا الأمر لتغيير حياتهما الزوجية التي انتهت منذ أكثر من خمس سنوات. عرضت الأمر على زوجها، فثار وزمجر وقام بشتم المعالج الجشع الذي يتقاضى ما يُقارب خمسة الاف دولار مقابل أربعة أو خمسة أيام من الجلسات! تساءل ماذا يفعل هذا المعالج؟ ويسأل زوجته: ألسنا متزوجين منذ أكثر من 31عاماً؟ ترد الزوجة عليه: نعم كنا متزوجين ولكننا الآن نكاد نكون منفصلين دون أي مبرر.. ! تكرر عليه الكلمات التي دائماً تقولها له "أريد أن نعيش حياة زوجية عادية كما كنّا قبل سنوات.. أريد أن يلمس كل منّا الآخر وأن نعيش معاً في غرفةٍ واحدة". كان لا يرد، يكتفي بهز كتفيه وترك المكان الذي تكون زوجته متواجدة فيه. أصرّت عليه بأنها تطلب منه أن يذهب معها لدورة العلاج الزوجي المكّثف، لكنه رفض تماماً. سألها من أين أتت بالمال الذي دفعته للمعالج؟ ردّت عليه بأنها دفعت هذا المبلغ من مالها الخاص الذي جمعته خلال سنوات، وأنها لن تتراجع عن الذهاب إلى هذه الدورة العلاجية الزوجية، وسوف تذهب لوحدها إذا رفض هو الذهاب. أكّد لها بأنه لن يذهب إلى هذه التُرّهات، ماذا سيفعل لهما المعالج الزوجي؟ قالت له بأن لن يخسر شيئاً إذا ذهب معها.. من أجل خاطرها عليه أن يذهب معها لكي يتغيّر شيء من حياتهما الزوجية. أصرّ على موقفه بأنه لن يذهب مهما كان الأمر. في اليوم المحدد تركت له بطاقة صعود الطائرة وقالت له بأنها سوف تذهب إلى المطار وأن هذه بطاقة صعوده إلى الطائرة فيما إذا رغب أن يلحق بها لحضور الدورة. نظر شرزاً إلى بطاقة صعود الطائرة وأدار وجهه إلى الجهة الاخرى. أخذت بطاقتها وركبت سيارة الأجرة التي وصلت إلى منزلها واتجهت إلى المطار. وهي في مقعدها في الطائرة التي ستقلّها إلى المدينة التي سوف تحضر فيها دورة العلاج الزوجي مع زوجها. جلست قلقة تدعو الله أن يأتي زوجها ليصحبها، حيث أن ذهابها إلى الدورة العلاجية وحيدة سوف يكون بلا فائدة، حيث أن العلاج يتطّلب حضور الزوجين، خاصةً بالنسبة لها فوضع الزوج هو المهم لحضور هذه الدورة العلاجية. لم يخب ظنها، فقبل أن تُغلق الطائرة شاهدت زوجها يسحب حقيبته التي أعدّتها له قبل أن تترك المنزل. جاء برغم أنه لم يكن سعيداً، وجلس على المقعد المجاور لها. فرحت كثيراً حتى رغم أن زوجها لم يكن سعيداً. نزلا إلى المدينة التي سوف تُعقد فيها الدورة العلاجية الزوجية. استأجرا سيارة قادها الزوج خلال المدينة والتي كان يسخر من كل شيء يمرا خلاله. كان قلقاً.. غاضباً من حضوره لهذه الدورة العلاجية التي أجبرته زوجته على حضورها. استدلا أخيراً على الفندق الذي سوف يُقيمان فيه، كان الزوج ساخطاً على كل شيء.. السكن.. الطرقات.. المباني.. كل شيء في هذه المدينة التي جاء إليها مُرغماً.. كارهاً، جعلته هذه المشاعر يكره كل شيء يراه أمامه في هذه المدينة التي تُريد زوجته من خلال حضور دورة علاجية زوجية سخيفة. في اليوم التالي جاء موعدهما مع المعالج الزوجي؛ سخط وغضب من خلال الأسئلة الخاصة جداً عن علاقتهما الزوجية.. عن علاقتهما الجنسية، عن كل العلاقات الجسدية وغير الجسدية في علاقتهما الزوجية. كان يرفع صوته ويصف المعالج بالغبي والمجنون وصفات سيئة كثيرة لأنه يتدخّل في علاقتهما الخاصة. كان المعالج هادئاً واثقاً من نفسه وتتعاون معها الزوجة بالإجابة عن الأسئلة بكل صراحةٍ ووضوح. ترك الزوج الدورة العلاجية وغادر مكان العلاج وهام على وجهه في المدينة الغريبة عنه. في المساء عاد وأصرّ على أن يترك المدينة ويعود إلى منزله، ففعلت هي مثله وكانت متأثرة من الجهد الذي بذلاه معاً لكي تتغير حياتهما الزوجية ولكن ها هما الآن يُريدان مغادرة المدينة بعد أن حضرا أول جلسات العلاج. هدأ الزوج وقال إنه مستعد لكي يعود مرةً اخرى إلى مواصلة العلاج. بدأ المعالج في إعطائهما واجبات ليُطبقاها خلال وجودهما في المدينة. شعر الزوج بأن هذه الأمور سخيفة وقرر ألا يتعاون مع المعالج ومع زوجته في تطبيق هذه الواجبات. كانت الزوجة صبورة ومُصّرة على أن تنجح في الوصول إلى الهدف الذي رسمته من خلال حضورها هذه الدورة. فعلاً بعد مضي بضعة أيام بدأت العلاقة تتحسّن بين الزوجين، وبدأ الزوج يشعر بسعادة التغيّر في حياته الزوجية وتساعد مع الزوجة والمعالج وعادا إلى منزلهما بعد أن انتهاء الدورة العلاجية الزوجية وقد تغيّر كل شيء في حياة الزوجين؛ حتى محتوى الإفطار الذي تُعدّه الزوجة تغيّر، طريقة الزوج في الذهاب إلى العمل ونوع الحقيبة التي يذهب بها.. في مجمل الأمر تغيّر كل شيء في حياتهما. هذا الفيلم ذكرني كثيراً بأشخاص يأتون إلى العيادات عندنا؛ زوجات وأزواج يشكون من أن علاقتهما الزوجية تغيّرت بعد مضي سنوات من الزواج. كانت تُراجع عندي سيدة تشكو من أن زوجها أصبح ينام في غرفةٍ مستقلة، وعندما تطلب منه أن زوجته أن يعودا كما كانا في السابق، يقول لها بأنهما أصبحا كبيرين في السن وأن لهما أحفادا، ويعتذر بأي عذر لكي يبتعد عن الحياة الزوجية بعلاقتها الحميمة. الرجال دائماً يُفكّرون بالعلاقة الجسدية الحميمة بصورة مختلفة عن الطريقة التي تفكّر فيها المرأة. المرأة تفكّر بالعلاقة الزوجية، بالاحتواء العاطفي واللمسات الحانية والاحتضان الجسدي دون أن يكون هناك أكثر من ذلك، ولكن الرجال، خاصةً إذا كانوا يُعانون من مشاكل صحية مثل مرض السكر أو الأمراض الاخرى يُفكّرون في العلاقة الجسدية كنوع من التهديد لهم، لذلك يبتعدون عن أي وضع قد يجعل العلاقة الزوجية في متناول الزوجين، وأفضل شيء بالنسبة لهم هو الابتعاد الجسدي والجغرافي عن الزوجة مثل أن يتخذ غرفة اخرى للنوم بعيداً عن زوجته ويتحجج بحججٍ متنوعة ومتعددة. أعتقد أن عدم وجود حوار جاد بين الزوجين في هذه المرحلة العمرية هو السبب في عدم وجود علاقة مُرضية للطرفين دون جرح مشاعر أحد الزوجين. الآن أصبح هناك مستشارون ومعالجون عائليون وللأزواج يستطيع الزوجان أن يجدا المساعدة عندهم وبذلك يكون هناك تقدّم في الحياة الزوجية بين الزوجين المتقدمين في العمر، ولكن في مجتمعاتنا يشعر الأزواج المتقدمون في العمر بالخجل من الذهاب إلى أي شخص لمناقشة حياتهما الزوجية الخاصة، وبذلك تستمر المشاكل داخل العلاقة الزوجية وربما تتفاقم دون حل بسبب الخجل والشعور بعدم جدوى الذهاب لطلب المساعدة، وهذا خطأ يرتكبة الزوجان، إذ بإمكانهما تحسين حياتهما الزوجية. تحتاج المرأة اللمسات الحانية دون أن يكون هناك أكثر من ذلك عدم وجود حوار جاد بين الزوجين في هذه المرحلة العمرية هو السبب في عدم وجود علاقة مُرضية