حدثني ياشيخي الكريم عما يخص الحج سابقاً وهذه السنة فأنا في شوق كبير ومتعطش أن أسمع وأتسمع منك أيها الشيخ الوقور. أخيراً رد شيخي بعد أن أطبق عليه الصمت وأطرق يفكر ويهز برأسه وبابتسامة رضا قال: ادنُ مني ياولدي لأحدثك شيئاً عن الحج انظر اليّ ياولدي والدموع تنهال من عيناي شكراً لله على هذه الشعيرة العظيمة وشكراً لحكامنا الأكارم على مابذلوه من أجل الحج لم أستطع حبس دموعي فهي بحق دموع الوجد والحنين والرضا والشكر والفخر ولقد أصبحت مكة واحةً وحضارة أنفاق شوارع معبدة إنارة فنادق توسعات قطارات مطاعم...إلخ. هي مفاخر ياولدي شتان الفرق بين الأمس واليوم فهي حكمة إله ثم حنكة حاكم وملك قد لقب نفسه (خادم الحرمين الشريفين) فله منا كل الشكر والدعاء ولمن سبقوه ملوك كرام خصصوا جل أوقاتهم لمتابعة راحة الحجيج . توالت الأيام وفي كل سنة نلمس إضافة جديدة هي ملاحم سطرها حكامنا على مدى السنين فبلاد الحرمين الشريفين حكومة وشعبا تتشرف بخدمة ضيوف الرحمن، وها نحن ذا ياولدي نعيش أيام الحج نرقبها ونترقبها ونحمد الله فالتاريخ قد سطر الأمجاد عطاءات تتلو عطاءات سطرت بالذهب وتوجت بالمليارات فجزى الله الدولة خير الجزاء عطاءات شهدها القاصي والداني حتى الجبال والطير شهدتها وتسبح بحمد ربها فأصبح مكاننا بين الشعوب قمة شماء العالم كله يشهد حتى لانت قلوب من لا يعرف عن الإسلام شيئا فدخلوا بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل الحج في دين الله. جاء الحجاج ياولدي ملبين محرمين تركوا الدنيا وراء ظهورهم يجمعهم ربٌ واحدٌ ودينٌ واحدٌ لبسوا أبيض الرداء الذي يدل على الصفاء والنقاء مطمئنين خاضوا بحوراً وصحاري جاءوا ليلوذوا بظل الإله الصمد فهناك سؤال عصي الإجابة هو متى يحين الرحيل ؟؟هو هاجس كل مريد للحج لذلك أرجو ياولدي أن تحمل رسالتي هذه لمن أكرمه الله بالحج أن يتيح الفرصة لغيره ولمن أراد الحج من غير تصريح إلى مكة أن يتذكر أن طاعة ولي الأمر أجمل وليتق ربه فمنذ فجر الإسلام والمسلم لرضا ربه يعمل ولجنته يأمل فلا يتعجل حتى لايزاحم الآخرين ويعطي الفرصة لمن قضى عمره للحج يتأمل. الحياة معركة ياولدي أجمل مافيها الصلاة وذكر الله بالخلوات وقضاء أركان وواجبات ونوافل ديننا الحنيف.. انظر ياولدي الى حجاج بيت الله تحفهم رحمة الله وترعاهم أجهزة الدولة المختلفة بعد رعاية الله أخوة في الله أحوال مختلفة دموع وحنين رجاء وطمع وخوف حناجر تجأر بالدعاء والذكر والتكبير والتهليل والتسبيح والحمد والتلبية ولقد تساقطت أمطار العيون أنهاراً على الخدود واخضلت اللحى حتى الشجر والحجر يشاركهم البكاء وفي يوم النحر تسفك دماء الأنعام قرباناً لله وتعظيماً في يوم هو من أعظم الأيام عند الله بل هو أعظمها. عاد الدفء إلى القلوب واستبشر الحجاج برضوان من الله عندما سفكوا دماء الماشية كما سفكوا أمراض القلوب ونظفوها من رجس الخطايا وعزموا على التوبة لأن هذا الموقف المهاب ذكرهم بيوم الحشر ولقد غسلت الدموع القلوب.. فالكل يردد ياالله ياالله يرن صدى أصواتهم عالياً بذكر لفظ الجلالة فليفق المرجفون في الأرض من سباتهم وليتعلموا من الحج دروساً عظيمة فهل فهمت الآن ياولدي؟!