وقد تكلمت في مقالين متتالين عن التعليم وأهميته في إنتاج جيل المعرفة، ولكن التعليم في حد ذاته غير مجد ومفيد ما لم يكن مصحوبا بالتدريب، ولهذا فهو جزء أساسي في منهج الجامعات في الدول المتقدمة، والطالب سواء كان في كلية نظرية يدرس الآداب أو في كلية علمية يدرس العلوم والتكنولوجيا لا بد أن يمضي عاما من أعوام الدراسة ليعمل في أي شركة أو مؤسسة أو مصنع له علاقة بدراسته، فمثلا الطالب الذي يدرس الإعلام يجب أن يعمل في صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والطالب الذي يدرس الفندقة يجب أن يعمل في فندق ويقضي فترة عمل في كل قسم من أقسامه، وهذا فيما أحسب ما نفتقده في بلادنا منذ أن نشأ التعليم، وهذا هو السبب في عدم مواءمة مخرجات الجامعة لسوق العمل، ولا يقتصر التدريب على العمل لمدة عام خارج الجامعة، بل إن التدريب يجب أن يصاحب التعليم في كل مرحلة أو كل عام من أعوام الدراسة، ولنأخذ اللغة الانجليزية كمثل إذ يجب أن تكون هناك مختبرات للغة يتدرب فيها الطالب على النطق الصحيح والمحادثة، ولأنه لا توجد مختبرات للغة في مدارسنا، على حد علمي، فإن الطالب الحاصل على بكالوريوس اللغة الإنجليزية لا يجيد الكلام بها، وإذا تحدث تكلم بلكنة غريبة عن اللغة، ولهذا فكل شركات السياحة والفنادق وكل المؤسسات التي تستخدم اللغة الانجليزية سترفضه حتى لو تخرج بتقدير ممتاز، وقس على ذلك باقي التخصصات، ونحن إذا أردنا أن نقضي على البطالة ببرنامج مثل "حافز" لا بدّ أن يكون مثل هذا البرنامج مصحوبا بالتدريب، إذ كيف ننجح في الحصول على عمل لشخص لم يتدرب على أي مهنة، أما معاهد التدريب وكليات التقنية، فالتدريب يجب أن تكون له الأولوية في كل مناهجها، وهذا يتحقق إذا كانت هناك شراكة بين كل مصنع وورشة عمل بحيث يتعلم الطالب من خلال الكتاب وهو في المصنع أو الورشة، ويتحقق نوع من التوأمة بين الكتاب والعمل اليدوي، وصفوة القول مرة أخرى: التدريب والتدريب ثم التدريب.