ما زالت الذكريات المريرة تطارد الدكتور "روبرتو كانيسا" بالرغم من مرور أربعين عاماً على حادثة تحطم الطائرة التي غيرت حياته إلى الأبد. بدأ ذلك في اليوم الثالث عشر من أكتوبر من عام 1972 عندما صعد "روبرتو" طالب الطب آنذاك والذي كان يبلغ من العمر 19 عاماً إلى طائرة القوات الجوية الأوروغوانية التي كانت مسافرة من "سانتياغو" إلى "مونتيفيديو" وبرفقته 45 راكباً آخرين بعضهم من أصدقائه قبل اصطدامها بقمم جبال الأنديز القاتمة الواقعة بين "تشيلي" و"الأرجنتين" وسقوطها هناك بسبب سوء الأحوال الجوية. كان "روبرتو" واحداً من 16 شخصاً نجوا من الحادثة وتم إنقاذهم بعد 72 يوماً من سقوط الطائرة وذلك بعد رحلة شاقة استمرت 10 أيام تطوع "روبرتو" وأحد الناجين على القيام بها لطلب المساعدة. لم يستطع الدكتور "روبرتو" الذي يكرس حياته اليوم لخدمة الناس نسيان تلك اللحظة التي اضطر فيها لتناول قطع من لحم أحد الركاب الذين لقوا حتفهم في الحادثة ليصف ذلك بأنه من أصعب المواقف في حياته وكان قرارًا مثيراً للاشمئزاز ولكنه فعله ليبقى على قيد الحياة وساعده في ذلك تذكر والدته التي كانت تنتظره وكيف سيكون وقع خبر وفاته عليها فحاول بكل جهد ووسيلة التشبث بالحياة ليعود إليها. روبرتو كانيسا طالب الطب - 19 عاماً - عند إنقاذه عام 1992 ويصف الدكتور "روبرتو" بعض الأحداث العصيبة التي مرت بهم بقوله: (بعد وفاة 12 راكباً على الفور وتبعهم 5 آخرين بعد ساعات من سقوط الطائرة ليموت 8 أيضاً بعد حوالي أسبوعين بسبب سوء الأحوال الجوية لم يكن هناك ما يكفي من الطعام لبقية الناجين وعددهم 16 شخصاً فمواجهة الجوع والإحباط بعد سماع أخبار الراديو بإيقاف البحث عنا لعدم جدوى ذلك جعلتنا نفعل أي شيء للبقاء على قيد الحياة فكان الاحياء يقتاتون من لحوم الموتى ليتم إنقاذنا بعد أن ذهبت أنا وأحد الناجين للبحث عن المساعدة حين عثر علينا أحد مواطني تشيلي الذي أبلغ السلطات عنا). وقد تم تجسيد قصة الدكتور "روبرتو" ورفاق محنته في فيلم تم إنتاجه في عام 1993 بعنوان "على قيد الحياة".