على مقربة من تدخل عسكري شمال مالي تهدّد به فرنسا، لا تزال الجزائر تطلق التصريحات الرسمية تلو الأخرى الرافضة لأي عمل عسكري يطال دولة جارة تكون لتداعياته آثار وخيمة على الأمن والاستقرار الداخليين بالأخص بالمناطق الجنوبية المتاخمة لشمال مالي. آخر التصريحات جاءت على لسان الوزير الأول الجزائري عبدالمالك سلال الموجود هذه الأيام تحت قبة الغرفة التشريعية الثانية (مجلس الأمة) في إطار مناقشة مخطط عمل الحكومة الجديدة الذي يعرضه على النواب. وألقى الوضع المتأزم شمال مالي بظلاله على جلسات المناقشة حيث تدحرجت ملفات هامة ذات الصلة بالجبهة الاجتماعية وأزمة السكن والبطالة إلى مواقع أدنى وحلّت محلها استفهامات هامة رفعها النواب إلى المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي الحالي تعكس القلق المحلي من مرحلة ما بعد التدخل العسكري وما الذي قامت به الدولة لتأمين الحدود وهي التي تواجه سلفا ومنذ أزيد من عقدين فلول الإرهاب المتحالف مع شبكات الاتجار غير الشرعي بالسلاح والمخدرات. وأرسل عبد المالك سلال إشارات هامة لممثلي الشعب تفيد أن الجزائر تدرك ما قد ينجر عن أي عمل عسكري في بلد متاخم لها. وأطلق الوزير الأول عبارة بالعامية قال فيها إن بلاده " عندها رجال في المستوى ولن يكون هناك مشكل". ولم تمنع هذه العبارة من تهاطل استفهامات أخرى باتجاه الوزير الأول تتصل بتخوفات النواب من جّر الجزائر نحو صفّ المؤيدين للحل العسكري وهنا عاود سلال التذكير بموقف بلاده "القائم على عدم التدخل في شؤون الآخرين" قائلًا: "لا نريد صراعات مع دول الجوار" قبل أن يطمئن الشعب الجزائري من خلال ممثليه في البرلمان أن السلطات العسكرية و الأمنية" اتخذت كل التدابير الاحترازية لمواجهة أي تهديد يمس السلامة الترابية للجزائر". ويخشى محللون أن تتعرض الجزائر لضغوطات خارجية قد ترغمها على التورط في عمل عسكري على حدودها غير محمود العواقب على خلفية زيارات متكررة لمسؤولين فرنسيين إلى الجزائر في الفترة الأخيرة ظلت بيانات صادرة عن البلدين تشير أنها تندرج في إطار التحضير لزيارة الدولة المرتقبة نهاية العام للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر لكن ملف الأزمة في مالي كان في صلب المحادثات التي جمعت هؤلاء بالرئيس بوتفليقة و وزرائه.