برعاية الأميرة عادلة بنت عبدالله، نظمت جمعية الثقافة والفنون فرع الرياض مساء أمس الأول (الأحد ) أمسية فنية عن ملامح البيئة المحلية في الأغاني الشعبية من خلال أغاني الفنان بشير حمد شنان رحمه الله وذلك بالتعاون مع الجمعية السعودية للمحافظة على التراث قدمها الإعلامي عبدالرحمن الناصر، وذلك في المركز الثقافي لجمعية التراث (البيت الطيني) بجوار المتحف الوطني في حي المربع. الناصر: رعاية الأميرة عادلة للأمسية تعد إثراء للقيمة الثقافية السعودية وصدحت عشرون أغنية في القاعة للفنان بشير شنان رحمه الله عبر مكبرات الصوت، وسط حضور من محبي الراحل بشير شنان وعدد من الإعلاميين والأكاديميين المهتمين بالموروث الشعبي، منهم :الأستاذ سلطان البازعي رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، الدكتور سعد الراشد، الدكتور أحمد الزيلعي والإعلامي إدريس الدريس والدكتور سلطان القحطاني، والأستاذ عبدالعزيز السماعيل، وذلك في مبادرة نوعية من جمعية الثقافة والفنون بالرياض كسرت بها كثيرا من الحاجز النفسي حول فنان استمر 40 سنة حاضرا في أذهان السعوديين ورمزا من رموز الأغنية الشعبية، وأثبت من خلال حضور نخبوي أنه فنان يحمل قيما موسيقية عالية وأسلوبا فريدا جعله محل حفاوة الفن السعودي. الأغاني الشعبية تشكل خارطة (أنثروبولوجية) لمدينة الرياض ومثلت الأمسية التي أدارها المذيع عبدالعزيز العيد مقاربة ( أنثربولجي ) لملامح الإنسان ومحيطه البيئي في السبعينات الميلادية من خلال أغاني بشير حمد شنان الذي عكس بأغانيه الشعبية ملامح المكان والناس والسلوك والاهتمامات، حيث تحدث الناصر عن حياة بشير حمد شنان قائلا: " اختط بشير حمد شنان نمطا فريدا في العزف على العود والأغاني التي استمت عادة بالقصص بالدرامية والكلمات المعبرة عن الواقع بكل تفاصيله، وأشار أن الملامح البيئية لأغاني بشير تصلح أن تكون خارطة جغرافية لمدينة الرياض، ففيها تفاصيل دقيقة تحتاج إلى بحوث متخصصة في الأنثرلوبولجي لنعرف مقدار ما يحلمه هذا الفنان من قيم فنية ثرية، وعن ملامح البيئة ودلالاتها في أغاني بشير. جانب من الحضور وقال الناصر: " أغنية شارع الخزان تأتي بدلالات متعددة يجسدها إيقاع (الشرح) القريب من (المقسوم) والكلام التي تبين أن محبوبته ليست من (جنسه) دلالات تشير أن شارع الخزان في الرياض كان يقطنه جالية عربية منذ 40 سنة وحتى الآن، بخلاف لو غنى عن الشميسي في أغنيته يا أهل الشميسي نرى الإيقاع هنا (عارضي ثقيل) يتناسب مع ثقافة سكان أهل الشميسي السعوديين من أهل العارض، مبينا أن بشير لديه وعي متقدم في ذلك الزمن بالحالة الاجتماعية وأن الأغنية ينبغي أن تعكس طبيعة الناس والمجتمع حتى يكون لها حضور لديهم، وهذا مؤشر على بقاء بشير شنان حاضرا في أذهاننا حتى اليوم فهو، ينتمي للمدرسة الواقعية بكل تفاصيلها، وقال الناصر ان تلك الفترة الزمينة (السبعينات الميلادية) تمثل فترة تصالح فيها الغناء مع المجتمع، فكان تعبير بشير عنها تعبيرا دقيقا، ولكن في مستهل الثمانينات رأينا كيف أصبح بشير حالة مختلفة من العيب أن يسمع له أحد، بفعل التصورات المغلوطة عن فنه وقيمه الموسيقية، ولكنه ظل رغم ذلك فنانا عظيما تجد اسمه في جداريات المنازل في مختلف مناطق المملكة .وفي هذا السياق أشار الناصر أن ابن عليوة الذي يكثر بشير من مدحه في أغانيه ليس مطربا ولا إيقاعيا ولا عازفا وإنما جاءت أهميته كونه يملك منزلا طينيا في منفوحة له (روشن) أي دور (مسروق) في أعلى البيت فيه (صدى) يجعل تسجيل الأغاني فيه ميزة مختلفة، فكان الفنانون يسجلون في (روشنه)، وقال ان آخر أصدقاء بشير هوالسهيلي توفي قبل اشهر قليلة. وأشار الناصر أن بشير اشتهر في عز مراهقته (21) سنة، بدأ الغناء، وكان فتى متطلعا طموحا يحمل(جنونا) فنيا في داخله تفجر بصورة غير مسبوقه وسبق أقرانه وتفوق على كثيرين حتى اليوم. وقد شكر رعاية الأميرة عادلة للأمسية مقدراً إشادتها بالطرح والمضمون والسيناريو الثقافي في الأمسية. وقال رجا العتيبي مدير جمعية الثقافة والفنون بالرياض: " نقدر للأميرة عادلة رعايتها للأمسية وهي رعاية تعني لنا الشيء الكثير، مشيرا إلى أن فرع الجمعية بالرياض يسعى باستمرار على أن يكون جزءا من السياق الفني العام، بفتح قنوات تواصل جديدة مع الفنانين وجماهير الفن، مؤكدا على ان الفن الشعبي يحمل قيما موسيقية وثقافية ثرية وأن الموسيقى لا يمكن التعامل معها على شكل طبقات اجتماعية، وإنما هي ثيمة راقية تعبر عن الكل، وألمح أن هذه الليلة كانت مختلفة عندما تقدم الجمعية الفن الشعبي بصورته الإبداعية بعيدا عن الصورة المشوهة التي عادة ما تحضر في أذهان الناس عندما يأتي ذكر الفنانين الشعبيين مؤكدا أنها صورة مغلوطة، وقدم العتيبي شكره للمحاضر ولجمعية المحافظة على التراث على تعاونهم في إنجاز هذه المهمة التي من الموروث الشعبي قيمة وطنية تستحق الاهتمام.