يعيش الفنانون الشعبيون ظروفا فنية صعبة دفعت بعضهم إلى الهجرة إلى قطر، نظرا إلى الاهتمام الذي تحظى به الأغنية الشعبية هناك، إضافة إلى التجاهل الإعلامي الشعبي للأغنية الشعبية وفنانيها؛ ما جعلها تنحصر في نطاق ضيق، بل وصل الأمر إلى أن بعض الفنانين يهربون ويغضبون من ملازمة كلمة “شعبي” لأسمائهم؛ لأنها تقلل من قيمتهم لدى شركات الإنتاج، ويبدو واضحا أن الأغنية الشعبية السعودية أصبحت منسية وتحتضر في عصر ال(دي جي) والراب.. عن “الأغنية الشعبية” والتهميش رمينا تساؤلاتنا على عدد من نجوم الأغنية الشعبية.. السليمان: النظرة إلى الفنان الشعبي مزرية! البداية كانت مع الفنان الشعبي محمد السليمان الذي عبَّر عن معاناة الفنانين الشعبيين قائلا: “تكالبت علينا الظروف من خلال شركات الإنتاج التي تخلت عنا، ونظرة الإعلام القاصرة إلى الفنان الشعبي، وهنالك البعض ينظر إلى الفنان الشعبي على أنه إنسان حالته المادية صعبة وسيارته مكسرة وملابسه (وسخة)!، وللأسف في السعودية لم يعد هنالك اهتمام بالأغنية الشعبية، وفي الخليج بأكمله لا تهتم بالأغنية الشعبية سوى قطر، وشاركت في العيد الماضي في قطر، وتلقيت دعوة للمشاركة في العيد المقبل، وعند سؤالنا عن الحلول التي قام بها من أجل النهوض بالأغنية الشعبية، ذكر السليمان، أنه سبق أن وجَّه الدعوة إلى كل الفنانين الشعبيين السعوديين في الملتقى الأول لفناني الأغنية الشعبية الذي عقده بجهوده الفردية، واتفق معهم على تكرار اللقاءات، لكن الملتقى توقف بسبب الجانب المادي لبعض الفنانين، وأضاف أنهم استمروا متفرقين وضائعين، وقال السليمان: “ربما لو وجهت الدعوة إلى فنانين شباب لتفاعلوا معي أكثر؛ لأن أكثر الفنانين الشعبيين تضرروا من شركات الإنتاج وصار لديهم إحباط، والمعضلة الأخرى هو الإنترنت، الذي أسهم في تكبيد الفنانين الشعبيين، وشركات الإنتاج خسائر فادحة، وأسهم في تخليها عنا، أضف إلى ذلك أنه لدي مجموعة من الأغاني لدى التلفزيون السعودي، ولا تعرض، ولا أعرف السبب لذلك! عزازي: الضعف سببه الدخلاء وأضاف الفنان صاحب الشعبية الكبيرة في أوساط الشباب عزازي إلى ما قاله الفنان محمد السليمان، واعتبر ضعف الأغنية الشعبية الآن يرجع إلى أسباب عدة، من أهمها أنها تعاني في الفترة الحالية كثرة الدخلاء عليها والباحثين عن المادة، إضافة إلى أن الأغنية الشعبية تعاني هذه الأيام ضعفا في الإحساس والكلمة على حد تعبيره وقال: “لو نظرنا إلى الأغنية الشعبية قديما لوجدناها تعبر عن نبض الشعب، وتعكس حالة الناس، عكس الآن بعد أن تغير الجيل، ودخلت آلات غربية على الأغنية، إضافة إلى نقطة مهمة وهي “القرصنة” عن طريق “النت”، التي أسهمت في ضعف الأغنية بصفة عامة”! وعند سؤالنا عن سر إقامته في قطر قال عزازي: “بسبب اهتمامهم بالأغنية الشعبية، وأطالب وزارة الثقافة والإعلام في السعودية، والجهات المسؤولة بالاهتمام بالفن الشعبي واحتضان الأغنية الشعبية”، ونفى عزازي أن يكون الإعلام حاليا، خصوصا المقروء جزءا من المعضلة التي تمر بها الأغنية الشعبية؛ لأن الفنان الشعبي موجود في الفترة الحالية إعلاميا عكس الماضي. فارس: تهميش الشعبي سببه الفنان أما الفنان فارس مهدي فكان عكس سابقيه، ورمى إهمال وتهميش الأغنية الشعبية على الفنان الشعبي نفسه، وذكر أن اللوم لا يقع على شركات الإنتاج أو الإعلام، بل يقع على الفنان الشعبي نفسه، وأشار إلى أننا إذا ما نظرنا إلى الأغاني الموجودة الآن لو أعدناها إلى الأصل لوجدنا أنها أغانٍ شعبية، وهناك نماذج للأغاني الشعبية تفوقت على غيرها من الأغاني مثل أغنية “أهمه” للفنان عيضة المنهالي على حد قوله، واعتبر فارس أن كسل بعض الفنانين الشعبيين، وعزوفهم عن الإعلام صار جزءا من المشكلة؛ وعند سؤالنا عن تصنيفه كفنان شعبي قال فارس: “أنا لست فنانا شعبيا، لكن (روتانا) طلبت مني تقديم الأغنية الشعبية؛ لأنني نجحت فيها”، وأضاف: “إذا أمعنت النظر في ألبوم كاظم الأخير لوجدت فيه أغاني شعبية جعلت الفنانين الآخرين يعيدون حساباتهم”، وأضاف فارس: “الأغنية الشعبية تنهض متى ما نهض الفنان الشعبي والفضاء مفتوح وسينال من المال والشهرة بقدر ما يعطي”. الكاسر: الفنانون الكبار شعبيون أكد الفنان جابر الكاسر، أن الأغنية الشعبية لا تزال هي الأولى ولم تتراجع بتاتا كما يزعم الكثيرون، فالفنانون الكبار سواء كانوا خليجيين أو عربا لا يزالون يطرحون في ألبوماتهم أغاني شعبية، فمثلا أغنية (مرتاح) للفنان عبدالمجيد عبدالله شعبية وحققت نجاحا كبيرا وغالبية الفنانين أغانيهم التي تحقق الشهرة والنجاح هي الأغنية الشعبية؛ كونها الأجمل وجمهورها لا يزال موجودا وبقوة. وأضاف قائلا: “ربما الموسيقى (الزائدة) هي ما تؤثر على الأغنية الشعبية؛ كونها تحتاج إلى تركيز وتوازن في الموسيقى”.