شخصت مواجهة منتخبنا الأول الودية أمام الكونغو الواقع المرير الذي تعيشه الرياضة السعودية، وخصوصاً كرة القدم فرغم الفوز المعنوي الذي سجله المنتخب في الوقت بدل الضائع إلا أن وضعنا الكروي لا يزال متدنياً، ويشير إلى ان عودة كرتنا إلى سابق عهدها ربما تطول؛ فالعناصر التي لعب بها المنتخب لا تعطي انطباعاً بأن لدينا إمكانات فنية وعناصرية يمكن لنا المنافسة بها في الاستحقاقات المقبلة، فمن شاهد أداء المنتخب يصور له اننا في بلد نامٍ كروياً فأبجديات كرة القدم - التمرير والالتحام والتغطية مفقودة. هناك من يحمّل مدرب المنتخب ريكارد المسؤولية كاملة لما يحدث للمنتخب، وأنا هنا اوافقهم الرأي في مسألة عدم الاستقرار على تشكيلة معينة ؛ ففي كل لقاء ودي هناك عناصر جديدة، وهذا بالطبع يؤثر بشكل مباشر على انسجام الفريق، ولكن أنا مع ريكارد بأن الجود من الموجود وريكارد أعطى الفرصة لجميع لاعبي دوري «زين» بالانضمام للمنتخب، وأنا هنا لا أدافع عن الهولندي بل أكشف حقيقة ربما يتغاضى عنها الكثير، وهي ان علة الكرة السعودية، وسبب تراجعها أسباب إدارية وفنية عدة، وقبل ذلك عقلية اللاعب السعودي الذي حتى هذه اللحظة لم يقتنع بالاحتراف وكل ما يعرفه هو الحصول على مبالغ كبيرة فقط. نحن نطبق الاحتراف منذ 20 عاما ولم نقنع اللاعب بأنه يعمل في وظيفة تحتاج منه بذل جهد مضاعف داخل الملعب وخارجه من خلال المحافظة على صحته بالانضباط في الأكل والنوم واحترام قرارات الأجهزة الفنية والإدارية، وقبل ذلك احترام المجتمع؛ فالشهرة تفرض على صاحبها ان يكون قدوة حسنة فهو ملك للجميع. نعم فشلنا في تطبيق الاحتراف، والدليل أننا في قرعة آسيا الأخيرة أصبحنا من أصحاب المستوى الثالث بعد أن كنا أسياداً للقارة قبل تطبيق الاحتراف، وفي السنوات الخمس الأولى من تطبيقه فقط إذ كنا نتفوق على الجميع في آسيا بوجود عناصر تصنع الفارق فقط أما الآن فالجميع تفوق علينا، وللأسف الشديد أن من يتفوق علينا لا يطبق الاحتراف كعمان والأردن ولبنان ولكنهم لا يزالون يؤسسون للاحتراف من خلال فتح المجال للاعبيهم بالاحتراف الخارجي الذي سيسهل مهمتهم عندما يعود نجومهم بثقافة الاحتراف الحقيقية لنشرها بين اللاعبين الشبان، ولهذا لا تستغربوا خلال الأعوام المقبلة ان تنافس منتخبات عمان ولبنان والأردن بقوة على بطولات آسيا فهي تسير في الطريق الصحيح. عودة الكرة السعودية تحتاج إلى قرارات حاسمة من أهمها إعادة النظر في الاحتراف، وتقليص العنصر الأجنبي، والاهتمام بالفئات السنية من خلال جلب مدربين عالميين يجيدون تأسيس المهارات الأساسية -المعضلة الكبرى التي يعاني منها اللاعب السعودي- فمعظم المدربين الكبار الذين أشرفوا على أنديتنا ومنتخباتنا تأخذ منهم المشكلة وقتا طويلا بل أن جلهم يؤكد صعوبة حلها في وقت متأخر من عمر اللاعب. المنتخب نتاج ما تقدمه الأندية في الموسم وأنديتنا مدافعوها أجانب وهدافوها أجانب وأكثر لاعبي الوسط أجانب، اذً من سيدافع عن شعار «الأخضر» في الاستحقاقات المقبلة؟ .. الإجابة لدى مسيرو رياضتنا.