نعيش هذه الأيام في زمن عجيب غريب مليء بالمخاطر الأمنية والتحديات، أبرز هذه المخاطر غياب القدوة الاجتماعية أو تلاشي دورها وتأثيرها جراء تعرض البعض فجأة لسقوط مفاجئ كسقوط الشهب، فقد سقط الكثير من المشاهير اجتماعيا (عالم، شيخ، لاعب، مفكر، وزير.... ).وأبرز التحديات هو زيادة نسبة الشباب الصغير (تحت 25 سنة) بنسبة تفوق 65%من المعدل الإجمالي للمواطنين وهذا الجيل إما إنه فاقد للقدوة ، ولم يعد يلقي لهذه الفكرة ذلك الاهتمام ، أولم تعد تبعث فيه الإلهام المطلوب، وأيضا إن هذا الجيل التقني الناشئ لم تعد تنفع معه وتقنعه حكاوي الجد المطرزة بالقيم والعبر ولا قصص الأب الأسطورية فهم جيل فضائي يستطيع أن يأتي بالمعلومة من أقصى الشرق أوالغرب في ضغطه زر!! ومع تلاشي دور القدوة الاجتماعية وزيادة نسبة الشباب التقني الصغير يختل معها توازن سبحه القيم ويرتخي حبلها. ومع مرور الوقت تبدأ تنفرط فصوص السبحة الواحدة تلو الأخرى حتى يبقى رأس السبحة بدون فصوص وندخل في ظلام اجتماعي ونبدأ مرحلة اللامعيارية التي دخلتها أوروبا في العصور السابقة التي ظهرت معها نظرية اللامعيارية للفرنسي "إميل دوركايم" التي تعني غياب تأثير القيم والمعايير الاجتماعية على حياة الأفراد اليومية... وحتى اطمئن القارئ الكريم وأرفع مستوى درجة التفاؤل لديه فرأس السبحة لدينا متين وصلب لأنه يستمد قوته من الشرع الحكيم وهو مرتبط بفصوص قيمنا الاجتماعية ويغلفها بطابع ديني نبيل وجميل ولكن نحتاج إلى تقوية ذلك الحبل الذي يربط بينها وأيضا التغيير من أشكال الفصوص وألوانها وأنواعها لكي تكون محببة وجاذبة للشباب الصغير، والاهم من ذلك أن تكون في متناول أيديهم ويمارسونها في حياتهم اليومية. ولذلك نحتاج لبرامج اجتماعية شبابية جادة وموجهة توافق تطلعات الجيل الشاب التقني وتتناسب مع مستوى تفكيره واهتماماته، ويشترك في مسؤولية إعداد وتنفيذ تلك البرامج الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الاقتصاد والتخطيط في شكل مشروع شبابي تنموي، ونقدم على سبيل المثال في مثل هذه البرامج دورات تدريبية وورش عمل تطويرية لدوراتهم مجانية. يغرس من خلالها العديد من القيم الاجتماعية، كالمواطنة والمسؤولية الاجتماعية والحضارة والعدالة والمساواة وقيم النجاح والعطاء والتطوع وغيرها... وأيضا من ضمن ما يقدم في هذه البرامج الشبابية تبني مشاريع شبابية ذات طابع اجتماعي تستغل فيها أوقات فراغهم وطاقاتهم وتكون على شكل منتجات تعليمية ومهنية واقتصادية وطبية.. بما يعود عليهم بالصالح لهم ولوطنهم. كما يمكن أن تقدم هذه البرامج الاجتماعية برامج إعلامية موجهه ومتنوعة بفكر وأسلوب شبابي.. لن أبالغ إذا قلت بأن هذه البرامج الاجتماعية ستحدث نقطة تحول حقيقية في التنمية المستدامة للوطن حيث إن لدينا مقدرات وموارد بشرية صغيرة في السن وخامات جاهزة للإنتاج.. فقط تحتاج إلى التوجيه والتدريب والتطوير وإعادة إنعاش للقيم الاجتماعية النبيلة والجميلة... حكمة: الشباب عماد كل مجتمع * أكاديمي ومتخصص في علم الاجتماع