في مستهل تسعينيات القرن الماضي كتبت ورسمت الفنانة والمانجكا اليابانية يوكو كاميو روايتها المصورة –مانجا- "فتيان خلال الزهور - Hana Yori Dango" التي استمرت حتى قبيل منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، ونشرتها في سبعة وثلاثين جزءاً، عملاق النشر في اليابان مؤسسة "شويشا" ذائعة الصيت. لقد كانت تلك المانجا ومنذ البداية مشروعاً ناجحاً لكاميو التي سيتحول عملها وبشكل سنوي إلى الصورة متنقلاً من الرسوم المتحركة إلى السينما وشاشات التلفزيون، فقد تم تحويل تلك المانجا إلى فيلم سينمائي عام 1995م من إخراج ياسويوكي كوسودا، ليليه مباشرة مسلسل الأنمي الذي عرض في إحدى وخمسين حلقة منذ عام 1996 وحتى 1997م من إخراج شيقياسو يامايوتشي، ليظهر في نفس العام فيلم أنمي يأخذ شخوص القصة وأحداثها الرئيسية في قصة تحدث في مكان قصي عن اليابان، وبعد استراحة تبدو قصيرة جاء التحول الكبير في القصة الرومانسية الموجهة إلى الفتيات ضمن صنف الشوجو الياباني المعروف، إذ تم استثمار الرواية المصورة في مسلسلين باللغة الصينية عرضتهما شبكات التلفزة التايوانية عام 2001م و2002م، تحت عنوان "حديقة الشهاب"، ثم جاء دور اليابانيين مرة أخرى عبر مسلسلين تلفزيونيين أيضاً تحت العنوان الياباني الذي حملته المانجا، الأول في العام 2005م ثم الجزء الثاني عام 2007م، واستقر المطاف عند النسخة الكورية عام 2009م، وهي النسخة التي طارت شهرتها في الآفاق، وبرزت أسماء العديد من الفنانين والفنانات من خلاله أبرزهم بطلته الرئيسية "كو هي-سن" التي أصبحت مشهورة عالمياً بسببه مع اكتساح موجة المسلسلات الكورية الشرق الأوسط وأوروبا والأمريكيتين. وكما هو متوقع فإن مجموعة MBC لن تفوت فرصة استغلال هذه الموجة التي يمكن إدراك أثرها بزيارة سريعة للمنتديات والمواقع الخليجية وحتى تغريدات ومشاركات برامج التواصل الاجتماعية التي تبين مدى الانتشار الواسع للمسلسلات التي يعكف الشباب والبنات على ترجمة حلقاتها ومتابعتها بشكل يؤكد الشعبية البالغة التي تحوزها المسلسلات اليابانية والكورية، والأخيرة هي الأكثر حضوراً كما تؤكده الارقام ليس في السعودية فقط ولا الخليج وإنما على مستوى العالم، الأمر الذي يفسر الثقة البالغة التي تروج من خلالها قناة عالمية بلغات متعددة مثل "أريرانج" احتفالها ببلوغ عدد متابعيها حول العالم إلى مائة مليون منزل. هذه الفرصة التي كان يمكن أن تستغلها مجموعة MBC، تحولت إلى سبق ساخر لم يستطع أن يتسامح معه عشاق الدراما الكورية الذين لم يكبحوا جماح سخريتهم مع أولى التعليقات التي نالت من الدبلجة التي قامت بها MBC لو صح إطلاق مصطلح الدبلجة على ما فعلته في النسخة العربية من المسلسل التي تبثها هذه الأيام، فهي وإن حورت اسم المسلسل قليلاً إلى "أيام الزهور" وهو ما لا نرى به بأساً على الإطلاق، إلا أنها انطلقت في تحوير أسماء الشخصيات في مفارقة صارخة مع المكان والزمان الذي تسير فيه أحداث المسلسل، أسلوب قديم كانت تقوم به مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج مع مسلسلات الأنمي في الثمانينيات الماضية، وهو ما كان يبدو مناسباً لأطفال في عمر الزهور، وما لا يبدو متناسباً مع جمهور الدراما الكورية الذي يفضلون الصوت الكوري مع سطور الترجمة، الطريف في الأمر أن موقع قناة MBC على الإنترنت يُعرّف المسلسل من خلال الأسماء الأصلية في النسخة الكورية ثم يشرح في كل ملخص حلقة بالأسماء التي ابتدعتها الدبلجة البائسة، ولك أن تتخيل مقدار المفارقات التي تستمر في البروز مع كل منعطف في المسلسل الذي تتخله أغانٍ كورية مع أسماء ذات هويات مختلفة من العالم العربي بلهجة مناطقية خليجية. خيار الترجمة كان سيكون خياراً أرخص وأقرب إلى ما يريده الجمهور المستغني حقاً من خلال خدمة الشبكة التي توفرها له مجموعات "الفان سب" التي تقدم الجديد والمترجم بطرق احترافية تقدم حتى الشروح والهوامش التي لا تخطر على بال القنوات التلفزيونية التي ما زالت تمارس دور السلحفاة في عالم سريع التحول والتغير، ولو أرادت MBC أن تدرك ولو شيئاً بسيطاً من قواعد اللعبة مع هكذا سوق نعني به الدراما الكورية، فلتلق نظرة خاطفة على مشروع كان يعول عليه أصحابه كثيراً، ثم تحول إلى قبلة للعداوة من قبل جمهور واسع، "سبيس باور" التي حاولت أن تتقارب كثيراً فيما بعد من خلال التحول إلى الترجمة ولكن دون القدرة على التواصل مع جمهور رأى فيها مدمراً للفن الذي أحبوه وأشغل قلوبهم وعقولهم. ربما أفلحت تجربة الدبلجة مع المسلسلات التركية التي يمكن مقاربة عوالمها مع العوالم الشامية التي تم قولبتها فيها، من خلال المكان والزمان المتقارب ثقافة ومجتمعاً إلى حد معقول، وربما نجحت التجربة مع المسلسلات الهندية لعدم رواجها في المقام الأول، أما التجربة الكورية فستكون تجربة خاسرة دون شك، فقط اقرأوا التعليقات في المنتديات والمواقع الإليكترونية لتتأكدوا.