دخل لبنان عصر الانتخابات النيابية التي ستتم بعد زهاء 7 اشهر، وبات نوع القانون الانتخابي وحجم الدوائر التي يمكن اعتمادها مادة للجدل السياسي اليومي، وعادت هواجس الطوائف اللبنانية الى الظهور شيئا فشيئا: فلكل مذهب قانونه الخاص الذي قد يعجب طرفا ولا يعجب أطرافا أخرى. وإذا كانت بعض الأطراف ومنها "حزب الله" ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لها مشروعها الخاص الذي تنادي به منذ زمن أي لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النسبية أو في أسوأ الأحوال اعتماد المحافظات بحسب تقسيمات بحسب ما نصّ اتفاق الطائف بعد إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية، فإن للحكومة التي قدم مشروعها وزير الداخلية مروان شربل مشروعها الخاص المتمثل بالنسبية في 13 دائرة انتخابية متوسطة والمروّج لفكرة أن المسيحيين قادرون أن ينتخبوا 58 من نوابهم. من جهتها طرحت قوى 14 آذار قانونا مغايرا قوامه 50 دائرة انتخابية مرتكزة الى محاربتها الجامحة للنظام النسبي الذي يسوقه فريق 8 آذار متهما "حزب الله" بأنه يسعى الى قانون انتخابي يشكّل "محدلة" تجمع الناخبين الشيعة من دون فرز. علما بأن المسيحيين في لبنان لم ينجحوا لغاية اليوم في تبني مشروع واحد هم الذين يعترضون على انتخاب عدد كبير من نوابهم من قبل المسلمين في بعض الدوائر، إلا ان مشروع "اللقاء الأرثوذكسي" حظي بشعبية واضحة وإن لم يفز بالإجماع لكن نقطة ضعفه أنه يسوق لأن ينتخب كل مذهب لنوابه ويطرح تساؤلات جمة عن مجلس نيابي مقسّم مذهبيا وكيفية مقاربته للقضايا الوطنية. في هذا الإطار تعكف اللجان النيابية المشتركة على اجتماعاتها في ضوء تفاهم على ترك موضوعي التقسيمات الانتخابية والنظام الانتخابي (أكثري أم نسبي) للهيئة العامة لمجلس النواب بعد البتّ ببقية بنود القانون الانتخابي. أما المخاوف والهواجس التي يطرحها كثر من المهتمين للحفاظ على التنوع والاختلاط الطائفي في البلد فتتعلق بإقرار قانون انتخابي خارج الأطر الدستورية وتحديدا خارج إطار اتفاق الطائف، وفي هذا الإطار أعلن الرئيس نجيب ميقاتي صراحة ردا على قانون الخمسين دائرة أنه "ليس مع أي اقتراح قانون يعارض اتفاق الطائف وأنه ملتزم بمشروع القانون الذي احالته الحكومة الى مجلس النواب". علما بأن "قانون الستين" لا يلاقي شعبية "علنية" عند أطراف سياسية عدة وأمس أصدر "حزب الكتبة الوطنية" بيانا اشار فيه الى أن "جلسات مجلس النواب أكدت ان قانون الانتخاب الحالي ليس صالحا، فالنواب مرآة لرؤساء لوائحهم، فأولئك لا يريدون قانونا يسلبهم سلطتهم على نوابهم، ليبقوا مسيطرين على حصرية خيارات الشعب. إن القانون الأمثل الذي يجرد رئيس اللائحة من هيمنته على نوابه ويردها الى الناخب ويلغي سمسارات المقاعد في اللوائح هو قانون الدائرة الفردية على دورتين، الذي يرد ايضا السلطة الى الشعب عوض توزيعها على خمسة او ستة مختارين، تكون صحتهم الجسدية او النفسية صباح كل يوم هي التي تسير شؤون البلاد والعباد لا خيارات المواطنين مسلمين كانوا أم مسيحيين".