في معايير التفاخر والتنافس تجد الدول والشعوب تحرص دائما على أن تٌباهي بما لديها من إرث ثقافي أو حضاري، أو منجزات تلفت أنظار الآخرين لزيارتها أو الحديث عنها . نحن في بلاد الحرمين الشريفين نملك ما لا يملكه الآخرون، ونتعتز ونتباهى فخراً بأن بلادنا تضم بين جنباتها أطهر وأعز مكانين على سطح الأرض. وعندما ننفذ المشروعات الجبارة في عمارة هذين المسجدين لا نرجو ثناء ولا مديحاً، وننظر الى ذلك على أنه جزء من واجبنا تجاه الاسلام والمسلمين. لايمكن لنا قيادة وشعباً ان نتوانى لحظة واحدة في سبيل كل خدمة ممكنة للزوار والمعتمرين وهي خدمة يحسدنا عليها الآخرون، وواجب لايمكن لغيرنا القيام به ولله الحمد. هذه المسؤولية وهذه الامانة الملقاة على عاتقنا أدرك قادة هذا البلد المبارك أهميتها، واستشعروا عظم حجمها وبالتالي رأينا مشروعات الاهتمام بتوسعة وتطوير الحرمين الشريفين لم تتوقف عجلتها منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله. مرت التوسعات بمراحل متعددة وأُنفقت في سبيلها المليارات بلا منّة أو تردد، ولا تزال العجلة سائرة في دروب تحفها دعوات جميع المسلمين بالتوفيق والسداد. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله جعل نصب عينيه الاهتمام بخدمة الحجاج والمعتمرين وزوار مسجد الرسول صلى الله وعليه وسلم، وترجم هذا الاهتمام الى مشروعات عملاقة. فبالأمس القريب اكتمل مشروع جسر الجمرات، وبعده انطلقت وتواصلت مشروعات توسعة الحرم المكي الشريف، وفي الاسبوع الماضي توج حفظه الله هذه السلسلة المباركة بتدشين توسعة المسجد النبوي الشريف وهي الأكبر في تاريخ التوسعات السابقة. وعندما استمع حفظه الله الى إيجاز عن المراحل والفترة الزمنية المقررة لتنفيذ هذه التوسعة كانت له نظرة أخرى تعكس مدى الحرص على راحة زوار الحرم المدني الشريف وأهمية استفادتهم من هذه التوسعة. من هنا جاء التوجيه واضحاً بتقصير مدة التنفيذ ومراحله. وقد يقول قائل إن ذلك سيكلف المزيد من الاعتمادات، ولكن هنا تسقط جميع الحسابات وتبقى مصلحة المسلمين عامة والتي هي أمانة في أعناقنا الى يوم الدين. تصوروا كم من مسلم ومسلمة وكم من زائر وزائرة سيستفيد من هذه التوسعة، وكم من ألسنة ستُخرس ممن يشكك في اهتمامنا بالرسول الكريم ورعايتنا لمسجده صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يحاول فيه البعض الإساءة الى شخصه الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. حقا، هنيئاً لنا بالحرمين الشريفين وخدمتهما، وهنيئاً لنا أيضاً بقائد فذ مثل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهو الخادم الفعلي للحرمين الشريفين. وسيسطر التاريخ بمداد من ذهب ما قدمه من خدمة للإسلام والمسلمين قولا وفعلا، في الوقت الذي سترتفع فيه أكف الدعاء له من كافة المسلمين على ما بذله من جهد، وأمر به من مشروعات لخدمة المسلمين كافة.