عندما يكتب الإنسان عن الأمير سلمان، يكتب عن شخصية فذة الجوانب، وذلك لأنه - حفظه الله - قيادي وإداري من الطراز الأول، يتمتع بثقافة واسعة، وخاصة في مجال التاريخ والجغرافيا، مع إحاطته الكبيرة بتاريخ المملكة العربية السعودية، ومواكبة الأحداث، والقدرة على تحمل الشدائد والأرزاء. ولا شك أن الأمير سلمان قد تعلم كثيراً في مدرسة والده العظيم، جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - كما أنه واكب منذ نعومة أظفاره عدداً من إخوانه الملوك، وتمرس بالقيادة والسياسة، وخاصة خلال امارته لمنطقة الرياض، والتي امتدت لما يزيد على خمسة وخمسين عاماً من العمل الجاد، والعطاء المتواصل. كما أن علاقتة بالمواطنين علاقة متميزة تسودها روح التفاهم والتواضع والاقناع. والأمير سلمان، ليس صديق الصحفيين والمثقفين فقط، بل إنه صديق لكل من له رأي أو فكرة أو عمل يؤدي إلى مصلحة الوطن والمواطن. وقد أتيح لي شرف السلام على سموه الكريم، وإهدائه أحد كتبي بالاشتراك مع احد الزملاء، والكتاب بعنوان : " المياه في القرآن الكريم " والذي كتب مقدمته معالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني - رحمه الله -، وكان هذا قبل عدة سنوات وقد استقبلني سموه الكريم في ديوان الامارة بكل كرم وأريحية، وسألني سؤالاً عابراً عن أهمية المياه. وعندما عدت إلى عملي في اليوم التالي، اتصل بي مدير مكتب سموه، وطلب بعض النسخ الاضافية من الكتاب، بالإضافة إلى أسئلة عن ما ورد في الكتاب من أفكار واهمها سؤال عن الذهب الذي يوجد بكميات كبيرة في المحيطات والبحار، فهل يمكن للماء أن يذيب الذهب مثلاً ؟ وقد أجبت عن هذا بأن المياه من أقوى المذيبات المعروفة، نظراً لقيمة ثابت العزل الكهربي العالية جداً. ولذلك فإن باستطاعة المياه أن تذيب أي صخر مهما كانت صلابته، وحتى المعادن والأملاح تذوب بسهولة في المياه . ولذلك يمكن استخلاص العديد من الثروات المعدنية المختلفة من مياه المحيطات والبحار مثل الأملاح المعدنية المختلفة، والعناصر ذات القيمة الاقتصادية العالية . ومع ذلك فإن الذهب لا يذوب في أي محلول، ماعدا الماء الملكي ( Aqua regia)، وهو خليط من جزء واحد من حمض النتريك المركز، وثلاثة أجزاء من حمض الهيدروكلوريك المركز . ولذلك فإن ما يوجد في مياه المحيطات والبحار هو عبارة عن دقائق صغيرة جداً من الذهب المتحرر من الصخور والعروق المعدنية، والمحمولة بالمياه المتدفقة إلى البحار والمحيطات منذ أقدم العصور . والذهب على ندرته منتشر في الطبيعة، ويأتي في المرتبة ( 75 ) تنازلياً حسب نسبة وجوده في القشرة الأرضية . ويوجد الذهب في مياه البحار والمحيطات بنسبة ما بين 5 و 250 جزءا في كل مائة مليون جزء من هذه المياه ( 00000005,0 – 00000250,0 ) . وتبلغ كميته الكلية 9 بلايين طن، لكن تكلفة استخراجه من مياه البحار والمحيطات تفوق كثيراً قيمته الحقيقية .. والله تعالى أعلم.