بينما يأتي إحسان ليفتح باب "ذهنية التأثر" في مجمل ما عمله من أعمال، وهذا ما يجمعه مع تجربة محمد عبده اللحنية وصالح الشهري وهو أسلوب تلحيني يطفو في مراحل من حياة الأغنية في أي زمن. إذ حين نرى أعمال إحسان مع طلال مداح يحاكي مداح نفسه أو سراج عمر، ويمكن التمثيل هنا على "يا ساهر الليل" أو "مرت ولا حتى تلتفت"، وهو ما يثير السؤال عمن يمتلك الصيغة النهائية للحن؟! كذلك تحاكي أعماله الأنماط المسموعة في ألحانه لعبد المجيد عبد الله مثل "سيد أهلي"، وعبد الله رشاد في أغنية" الليل أبو الأسرار" مجمل ما عرفت من الأعمال اللحنية الراسخة في ذاكرة الأغنية السعودية من عبد الله محمد وفوزي محسون. وما جعل إحسان يندمج فنياً بشكل لافت هو حالة "التناغم التأثري" بين شخصيته ملحناً -يتخصص بالمسموع من الشذرات اللحنية ويعيد تدويرها- وشخصية محمد عبده مغنياً وملحناً لا يخلو من "مستشاره السري" رغم انتحائه خاصية"إعادة التدوير" في أعماله، فكثير من تلك الألحان التي ظهرت مع عبده وشكلت نجاحاً ظل ينافس بالدحر لأعمال مميزة وضعها يوسف المهنا وأحمد عبد الكريم وعبد الرب إدريس فترة السبعينيات والثمانينيات تكشف عن أن إحسان يترسم المثل العربي "وافق شنُّ طبقة" في أعمال تستلطفها الأذن سريعاً "إنت محبوبي، مالي ومال الناس"، وتنساها بعد سماعها، وما كانت محاولة إعادة تسجيل ذات أعماله مع عبده مجدداً مع أنغام إلا لاجترار ذلك النجاح الماضي بعناصره المرتبطة بظروف الزمان والمكان، وهو على العكس من دورة "التاريخ الثقافي" الدائرية التي تلفظ العناصر الميتة لتبدلها بعناصر حية، فلا يمكن أن تقبل الخلايا مجدداً عناصر ميتة!. ثمة فارق بين أعمال تولد ميتة وأخرى كل ما تغنى تحيى من جديد!. وهو ما جعله رهن "التقاعد الفني" فهو يعيش على ما تنتجه كل مرحلة ثقافية، فيقتات على إعادة تدوير "منتجاتها الثقافية"، وما يسمح بذلك الاستمرار والنجاح، صناعة رأسمال ثقافي سلبي يعتمد على خصائص "برسم الفَتونة الثقافية" من استفزاز ومناكفة، وادعاء وصخب، وعلاقات التنافذ ربما قصرته عن التركيز على تنشيط "دورة الإبداع الدموية" لديه، وهو ما أثبت أنه من الصعب خلق شيء من العدم ولا يمكن مساواة الوسيلة والغاية أو الأداة والموهبة، فليس عزف الكمان طريق التلحين، وليس اكتشاف المواهب طريق إلى استحواذ نجاحها مع سواه. قد توحي بعض "الشخصيات الثقافية" بأزمنة الضوء في أي حضارة بالابتكار العلمي والإبداع الأدبي والفني، وتوحي أخرى بأزمنة الظلام حين تستعيض بالشحم بدلاً عن الزيت!.