يمثل سامي إحسان (1943-2012) بوصفه عاملاً في حقل الثقافة عازفاً وملحناً ومديراً لأنشطة ثقافية، جيلاً عصامياً عاش تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية منذ المنتصف الثاني للقرن العشرين. ولا يبرر لهذا الجيل، رغم الاحترام والتقدير لكل ما قاسوه وعانوه، من أن يلزم كل تجربة من النظر إليها نقداً بما سعت إلى تقديمه، خاصة، حين ينتقل المستوى بالفرد متصلاً ب «الإنتاج الثقافي»، فهو يطرح نفسه عضوياً ضمن هذا الحقل، وهو ما نراه في شخصية سامي إحسان من حيث دوره ملحناً ومديراً لأنشطة ثقافية ومكتشف أصوات، وشخصية قاست حروباً من زملاء المهنة، وإنكاراً من مواهب رعاها كما يدعي دائماً، غير أن النظر إلى التجربة بمقتضى ما تبقى أو صفا منها، وهي منجزاتها المادية من أعمال هي آثارها حين ننظر إليه. فهو من المواليد المرقومين بأول يوم من الشهر السابع في مدينة جدة، ودرس المرحلتين من التعليم العام بين المدرسة الفيصلية والسعودية، ودرس لاحقاً في المعهد العربي للتمثيل والموسيقى في دمشق، وعمل باكراً في وظائف متعددة في وزارة البرق والبريد والهاتف، وفي مديرية الإعلام، وفي وزارة الخارجية (1963-1965)، وعاد إلى وزارة الإعلام مهندساً صوتياً في إذاعة جدة حتى تقاعده 1997. وقد مكنه العمل في وزارة الإعلام، وهو يعمل في الإذاعة من التعرف إلى محمد عبده حيث رافقه لتسجيل أول لحن معه»سهر»(بدر بن عبدالمحسن) لصالح مسلسل «أغاني في بحر الأماني» (1969) كذلك التعاون الأول مع طلال مداح في مسلسل «الأصيل» (1973) في أغنيتين «وادعيني» (بدر بن عبدالمحسن)، و»تقابلنا» (محمد العبدالله الفيصل)، وهي تلك الفترة «الطلالية الذهبية» التي دعمت جيلاً بصوته دفع ملحنين كباراً إلى الساحة مثل فوزي محسون، وعبدالله محمد وسراج عمر ومحمد شفيق. وهذا ما قدّم اسمه ملحناً تجاوز التلحين لضيوف الإذاعة من الأصوات العربية التي دأبت التسجيل لهم خلال تلك الفترة مثل: سعاد محمد، وعايدة بو خريص، وكارم محمود، ووديع الصافي. ولعل رغبة إحسان في التقدم المهني والطموح الفني بعد أن أسس فرقة موسيقية أسماها «فرقة النجوم» التي أخرجت جيلاً من العازفين والملحنين مثل سراج عمر، وحسين عشي، ومحمد شاكر، ومحمد شفيق، وآخرين.. ما جعله يسعى إلى أن ينتقل إلى قسم الموسيقى في الإذاعة والتلفزيون عام 1980، وتزود من رئيس فرقة الإذاعة السوري مهران بلخيان بالعلوم الموسيقية، ونتج عن خبرته في العمل الإذاعي أن كلف لاحقاً بإدارة مسرح التلفزيون، ثم انضم للجمعية العربية للثقافة والفنون ليؤسس للقسم الموسيقي (حتى عام 1989) فصولاً لدروس موسيقية استفادت منها مواهب من الملحنين مثل محمد المغيص وطلال باغر. ولكن كيف يمكن أن ننظر إلى مجمل الإنتاج الثقافي الذي تمثل في أنشطة الإدارة والإشراف الفني، وأعمال غنائية لسامي إحسان عبر مفهوم «التأثير الإبداعي» من عدمه، ودوره ك «شخصية ثقافية»، وما موقفه إزاء تجربة «الأغنية السعودية»، وما انتهى إليه؟.. نتحدث عن ذلك لاحقاً.