في مجتمعنا السعودي الطاهر يحمل اليوم الوطني كماً من المفاهيم والمعاني السامية، التي قد لانجد لمثل تميزها في مجتمعات أخرى. مثل هذه المفاهيم والمعاني لم توجد فجأة أو مصادفة، وإنما هي إرث أصيل توارثه الابناء عن الأجداد. وفي قول أشمل هي نتاج ما أسس له المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من ثوابت وقيم جاءت مكملة للموروث الحضاري الاصيل الذي نهضت على اسسه الدولة السعودية عبر مراحلها الثلاث . فمن يرصد سيرة المجد العطرة للموحد المغفور له الملك عبدالعزيز "طيب الله ثراه" يقرأ الشواهد الصادقة للكثير من القواسم المشتركة بين مرتكزات الموحد والمبادئ التي قامت عليها الحضارة الاسلامية في أوج مجدها وازدهارها . هذه القواسم المشتركة تبدو جلية في المفاهيم والقيم والاخلاقيات التي ورثها أبناء الموحد وتفاعل معها الوطن ومواطنوه . لقد كان لي قبل خمسة عشر عاما شرف الاستعانة بسلسلة كتاب من رجال الملك عبدالعزيز وهي سلسلة عُنيت بجمع ما يحمله الرجال الجهابذة ممن عاصروا حياة المغفور له موحد وطن التوحيد. وحوت هذه الكتب على شواهد عدة تدل على حرص الملك عبدالعزيز على تمسكه وأمته ووطنه بتلك المبادئ والقيم السامية . ومن خلال دراسة ما في هذه السلسلة، التي أُُخذت مشافهةًً عن أكثر من 150 رجلاً عملوا عن قرب مع الملك عبدالعزيز ، يجد المتفحص لهذه الشهادات أنه يقرأ عن مجموعة من الشخصيات اجتمعت في الملك عبدالعزيز، فهو ملك عندما يتخذ القرار، وهو رجلٌ عابد عندما يأتي أداء فرائض الله، وهو الوالد والمربي عندما يكون بين أبنائه وأحفاده. كما يستشعر المتصفح لهذه السيرة عطفه وحنانه غفر الله له بأبناء شعبه، وحرصه على مصالح العالم الإسلامي، واهتمامه بأمور الأمة العربية. هذا التميز في مفهوم اليوم الوطني هو نتاج طبعي للترابط بين الإرث التاريخي والموروث الحضاري الذي لم يكن من قبيل المصادفة أو وليد لحظته، فهو محصلة لاستشعار موحد هذا الوطن لمتطلبات المرحلة التي كانت عليها الجزيرة العربية والعالم العربي والإسلامي، واستشعاراً منه لعظم المسؤولية التي تصدى لها وعظم الأمانة التي تلقاها ليقوم بهما حق القيام، واستشعاراً للدور الرئيس الذي تلعبه المملكة العربية السعودية ملكاً وشعباً. لهذا فإن مفهوم اليوم الوطني لنا كسعوديين تميز عن ما هو سائد لدى الآخرين، إذ يمثل لهم اليوم الوطني غالباً استذكار الولاء للأرض. أما نحن فيمثل اليوم الوطني لنا تجديد الولاء تلو الولاء لمليكنا وبلادنا ولشعبنا وأمتنا. ففيه" اليوم الوطني" نجدد الولاء للملك بالوفاء بعهده وإتمام مسيرته وتحقيق رؤيته، كما نجدد فيه الولاء لبلادنا بالحفاظ عليها وحمايتها من أي سوء قد يضر بوحدة وتماسك لحمتها الوطنية ، وفيه يتجدد الولاء الصادق لهذا الشعب بخدمته أينما كنا، كما نجدد فيه الولاء للأمة الإسلامية والعربية بأن نستمر فيما شرفنا الله به من خدمة الإسلام والأمة. د.عبدالعزيز بن إبراهيم النوفل * وكيل كلية اللغات بجامعة الإمام محمد بن سعود