كم واحد منا أعد نفسه للاحتفال بيوم الوطن؟ وينتظر صباح الأحد ليوزع التهاني على الأصدقاء والأقارب، إن قلنا لا أحد ظلمنا براءة الأطفال، وإن قلنا الجميع فضحتنا تعابير الكبار في هذه المناسبة، الفرح طفولة ونقاء، والتجهم يأس وخضوع غير مبرر وغير برئ أمام هيبة صورة صنعتها خيالات النفس المتطلعة دائما للأخذ المستمر من جيوب الوطن كل رصيد تاريخي صنعته أيادٍ تاريخية ليكون رصيدا للمستقبل وفخرا في المناسبات العظيمة. الوطن تاريخ جاء من الماضي ليكون في الحاضر، أيضا تاريخ لا ينتهي، ومن لم ترشده ذاكرته على حكاية أجداد كانوا هم التاريخ الذي لا ينتهي فلن يسعده التاريخ ولن يسجل له الحاضر نقطة عطاء واحدة. الوطن تاريخ جد، وتاريخ طفل.. وضع الأجداد لبنته الأولى وتربى الجيل الجديد على حماية بنائه التاريخي ليكون ذاكرة مشرفه لزمن قادم.. وطن تأسس ليكون آية من آيات الخلود التي لا تقبل الزوال.. حبه دين ومصحف ترتفع أصواتنا بتلاوته وفي كل صفحة من صفحات تاريخه نتطهر بالوضوء ونسجد بعد طهارة أرواحنا لخالق الروح شكراً على هذه النعمة التي ليس لها اسم غير أسمائنا «سعوديين». نتابع مسيرة من أجل أن نبني مسيرة يتابعها من يأتي بعدنا.. ومن تعثر ضميره بفعل فاسد فقد شذ عن المسيرة التي بناها من سبقوه بشرف وأمانه، شذ عن الطهارة للدنس، ورمى أطفاله بحجارة نهبها من أساس الوطن.. أراد أن تكون حياته حيلة واحتيالاً فكانت كذلك، وكلما أعطاه الوطن بشرف خان شرف الوطن.. هو يوم ساقط من حسابات الوطن وهو قصة خداع لن تعطل يوما الانتصارات الشريفة التي منها نعرف أن المسيرة مستمرة وأن للوطن مجداً نحتفل به بكل إخلاص وولاء وتضحيات تصافح المجد بمجد مثله. جيل آباء اليوم هم أبناء الأجداد.. جيل تعلم كيف يستفيد من تضحيات الأجداد بدون أن يكون جزءا من تلك التضحيات التي صنعت مجد الوطن وتاريخه، دورة زمان طبيعة، دورة زمان ترفع وتخفض دورة مستمرة في مسيرتها تموت أجيال وتخلق أجيال بدون أن تتوقف عن دوراتها المستمرة.. آباء اليوم جيل الفرص الجاهزة، جيل العطاءات المتعثرة بخطى التجاوزات والأطماع التي لا تعرف التوقف عند حدود ولا الانكسار بحياء أمام نظرات الأطفال البريئة، بل استمرت بكل أنانية في العبث بمقدرات حياة أبناء ذكورتهم الذين خلقوا من أصلابهم من غير أن يكون لهم نسبا أمينا في ضمائرهم.. فمثل ما كان للأجداد تاريخ مشرف نحتفل غدا في يوم ميلاده، سوف يتجاوز الأحفاد عثرات بعض الأباء ليتابعوا مسيرة الأجداد الشريفة بعد أن عرفوا أن للوطن ضميرا واحدا مثل ما هو تراب الوطن واحدا، ولن يسمحوا لمن يحاول أن يفسد عليهم فرحتهم باحتفالاتهم بيوم وطنهم الذي سوف يصبح عطاؤهم في المستقبل تاريخا من تاريخ أمجاده يحتفل بها جيل سوف يأتي من بعدهم.