تسيطر شبكة مافيا مصرفية على نشاط تحويل المبالغ المالية في السوق السعودي للعمالة التي يزيد دخلها على الرواتب المنصوص عليها في العقود المبرمة مع صاحب العمل، من خلال متخصصين في جمع الأموال المراد تحويلها بشكل شهري من أبناء جلدتها عبر شبكة مالية منظمة وغير قانونية، بهدف إيصالها إلى المستهدف عبر قنوات غير مشروعة، بينما تبقى المبالغ النقدية التي تجمع داخل المملكة لاستثمارها في انشطة تجارية. وأوضح متعاملون مع هذه الشبكة أن السرية هي أساس التعامل بين الطرفين، مشيرين الى انها تتميز عن البنوك المحلية بانخفاض العمولة وسرعة وصولها إلى المستفيد في الخارج. وبينوا أن هذه العملية لا تحتاج إلا لرقم المستفيد في الخارج وعنوانه فقط، حيث يقوم رئيس الشبكة بالاتصال مباشرة بممثله في الخارج وإبلاغه بحجم المبلغ وعنوان المستفيد. وقالوا: هذه الطريقة تفيدنا عند وجود مبالغ كبيرة يراد تحويلها بعيداً عن النظام المصرفي في المملكة والمسائلة القانونية، حيث يتم التحويل مقابل رسوم لا تتجاوز ريالين بالإضافة إلى رسوم سعر الصرف. وبين أبو بكر صديق "هندي الجنسية" أن نسبة كبيرة من العمالة الأجنبية في الدمام تتعاون مع هذه الشبكة، عند وجود مبالغ مالية تزيد على المرتبات الشهرية، موضحاً أن هذه الطريقة يشوبها الكثير من المخاطر وخصوصا في عدم وصول المبالغ، لكن ليس هناك طريقة أخرى، موضحاً ان الشبكة قد تستخدم هذا الاسلوب لتصريف بعض العملات المزورة داخل البلد المرسل إليه. من جانبه، بين ياسر حمد "سوداني الجنسية" أن رئيس التحويل داخل المملكة يمنح أبناء جنسه سعر صرف أعلى من البنوك السعودية، موضحاً أن هذه الشبكة تمتاز بالتحويل السريع حيث يصل المبلغ في الحال دون عناء البنوك والوقوف في الطوابير الطويلة. وكشف أن من بين اعضاء هذه الشبكة، من يعملون كمستثمرين أجانب ولديهم القدرة على إيداع المبالغ التي تصلهم في البنوك السعودية بعيداً عن المسائلة القانونية، بينما آخرون لديهم استثمارات بأسماء سعوديين حيث يستثمرون المبالغ في مشروعات جديدة، مشيراً إلى أن هذه الشبكة تتخلها بعض المشكلات مثل العملات المزورة أو غسيل الأموال والمتاجرة في المواد الممنوعة. "الرياض" أجرت اتصالا بأحد أعضاء الشبكة عن طريق عامل آخر لمعرفة الطريقة، وكان أسلوب التعامل مبهماً وغير واضح، خصوصاً عندما بادره المتصل بالسؤال عن الحال هل هو طالع أم نازل فأجابه الأمر مستقر. من جانبه، قال أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية طلعت زكي حافظ إن التحويلات المالية خارج القنوات المصرفية النظامية تخلق نوعا من الريبة والشك، سيما إذا كانت كبيرة من حيث الحجم ولا تتناسب مع مهنة أو طبيعة عمل الشخص المحول، موضحاً أن المبالغ المحولة بطريقة غير مشروعة قد تنطوي عليها شتى المخالفات النظامية والقانونية في المملكة مثل التستر التجاري أو الاقتصاد الخفي. وأضاف: من هذا المنطلق تلجأ العمالة إلى تحويلها عن طريق قنوات غير نظامية خشية اكتشاف هذه الأموال وبالتالي مساءلة أصحابها من قبل الجهات الأمنية المعنية بذلك. وأشار حافظ إلى أن الجهات المسؤولة في المملكة تنبهت لهذا الأمر ومن بينها وزارة العمل التي تشرع في التنسيق مع مؤسسة النقد لوضع تنظيم أو نظام يحكم أجور العاملين في القطاع الخاص لضبط المبالغ التي تتقاضاها العمالة الوافدة، وبالتالي ربط منطقية ما يتقاضاه العامل مع ما يقوم بتحويله للخارج. وأكد أن المبالغ المحولة قد تأتي من مصادر غير مشروعة وغير نظامية بسبب التستر التجاري، ما ينعكس سلبياً على الناتج المحلي للمملكة، حيث إن هذه المبالغ لا تدخل ضمن ميزان المدفوعات التي تظهر في الأخير حسابات غير دقيقة عن إجمالي الناتج المحلي.