كتبت أكثر من مرة عن دور العمالة الوافدة في تحويل الأموال إلى الخارج نيابة عن الوافدين العاملين في السوق السعودية، أو ممارسي الأعمال التجارية المُتَستَر عليهم من قبل سعوديين يحصلون منهم على مبالغ زهيدة ويتحملون؛ نيابة عنهم؛ مخاطر جما مرتبطة بعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأشرت إلى أن «البنوك المتحركة» المُتمثلة في عناصر من العمالة الوافدة، تأتي ضمن الطرق المستخدمة لتمرير الأموال إلى الخارج نيابة عن بني جلدتهم، أو عصابت الإجرام، أو المتستر عليهم في القطاع التجاري؛ مقابل رسوم مالية مقطوعة، أو نسبة من حجم التحويل. ارتفاع حجم العمالة الوافدة، ومخالفي أنظمة الإقامة، والتستر التجاري؛ أوجد سوقا رائجة لل «البنوك المتحركة» في السعودية، والمتخصصة في تحصيل الأموال القذرة، وإعادة تحويلها إلى دول العالم. مطلع العام الماضي كتبت عن ثلاث طرق مخالفة لتحويل الأموال؛ الطريقة الأولى تتمثل في «التعامل مع أشخاص لديهم ملاءمة مالية عالية، وهؤلاء يقومون بتسلم المبالغ المراد تحويلها من بني جلدتهم، ومن ثم تسليمها للمستفيدين في بلدانهم، بعد استقطاع رسوم، أو نسبة من مبلغ التحويل. أما الطريقة الثانية فتتمثل في إستعانة الوافدين ببعض المواطنين لتمرير مبالغ مالية بأسمائهم تهربا من الرقابة مقابل رسوم يتم دفعها لهم؛ وهذه من أخطر العمليات المرتبطة بغسل الأموال، وتمويل الإرهاب؛ ما يدخل المُحَوِل في قضايا قانونية لا حصر لها. أما الطريقة الثالثة، فتتمثل في استغلال ناشطي عمليات التحويل غير القانونية؛ أو ما يُطلق عليهم «البنوك المتحركة»؛ للعمالة النظامية التي لا تقوم بتحويل رواتبها إلى الخارج، واستغلال حقهم في التحويل الشهري مقابل مبالغ تُدفع لهم؛ وفي هذه الحالة يتم تجزئة المبالغ المراد تحويلها وتوزيعها على أكبر عدد من العمالة المستهدفة بقصد تضليل الجهات الرقابية. جميع تلك العمليات المالية يُمكن إدراجها ضمن جرائم غسل الأموال، على أساس أن الأشخاص المُحَوِّلون للأموال (البنوك المتحركة) غير مصرح لهم بجمعها وتحويلها إلى الخارج، إضافة إلى الشبهات التي تُحيط بمصادر الأموال المُحَوَّلة. صحيفة «سبق» الإلكترونية أعادتني لمقالات سابقة بعد نشرها خبر تحويل عامل آسيوي ل 800 مليون ريال لدبي وماليزيا والهند، مقابل 150 ريال للعملية الواحدة. قدرة عامل بسيط على تحويل 800 مليون ريال تدفعنا للتساءل عن قدرة مُحترفي الجرائم المالية على تنفيذ عمليات مُنظمة لغسل الأموال في الداخل!؛ بسطاء العمالة الوافدة قادرون على تنفيذ جرائم مالية معقده؛ فبساطتهم الظاهرة قد تُخفي خلفها إحترافية فائقة في عالم الإجرام؛ ومن يدري فلعل بعضهم أعضاءً في عصابات الإجرام المنظمة في الخارج. العامل الآسيوي المُتهم بتحويل الأموال القذرة، هو جزء من منظومة «البنوك المتحركة» التي كتبت عنها كثيرا، وتحفظ عليها البعض، مُتهمني بالمبالغة في تقدير حجم التحويلات المالية المُنفذة بطرق غير مشروعة. أعتقد أن عدد «البنوك المتحركة» قد تقلص اليوم بإلقاء القبض على العامل الآسيوي، إلا أن عددها مرشح للزيادة غدا، فالخدمات المالية التي يطلبها أكثر من 7 ملايين عامل قد لا يتوفر بعضها في القطاع المصرفي؛ لأسباب قانونية ورقابية؛ ما يدفعهم إلى البحث عن قنوات تحويل بديلة لإخراج الأموال المُكتسبة بطرق غير مشروعة إلى الخارج.