أردت هذا الأسبوع الكتابة عن موضوع يختلف كلياً عما أكتبه الآن لكن خرجت إلينا تقارير حديثة تجبرنا على إعادة فتح موضوع الساعة من جديد ! ثلاثة أخبار تبدو في مجموعها متناقضة وسأحاول البحث عن تفسير منطقي لها وسأستخدم لغة الأرقام فقط حتى لا يقال إننا نتعاطف مع أو ضد أي جهة فالأرقام لا تعترف إلا بالحقائق ! الخبر الأول قررت اليابان إيقاف استخدام الطاقة النووية بحلول 2030 طبعا للعلم اليابان تملك شركات ليس فقط لإدارة المفاعلات ولكن لصناعة المفاعلات النووية حول العالم ومع ذلك اتخذت مثل هذا القرار ! وكانت ألمانيا قد سبقت اليابان وأعلنت تخليها عن الطاقة النووية رغم عدم وجود زلازل وكوارث طبيعية كما اليابان. وهذا يعني أن اثنين من اكبر اقتصادات العالم وأكثرها تطورا وتقنية تخلت عن النووي! الخبر الثاني هو تعاقد مدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة مع شركة أمريكية للعمل كمستشار لبناء 17 مفاعلاً نووياً في السعودية ! التفسير المنطقي للخبرين اتركه للقارئ لكن ما أريد التطرق إليه في الموضوع هو الأمن الاستراتيجي للمملكة ! فكما هو معروف ان السعودية هي بنك الطاقة العالمي وجزء من أهميتها الدولية يكمن في محافظتها على ذلك. لكن لو بدأنا بالاعتماد على الغير في الطاقة فانه سيفتح باباً للابتزاز ! كما هو معلوم لتشغيل المفاعلات فانك تحتاج إلى قضبان اليورانيوم والدول الغربية سترفض بشدة مبدأ تخصيب اليورانيوم في الشرق الأوسط لذلك سنكون مستوردين للقضبان أي سنستورد الطاقة بشكل غير مباشر ! والمعروف أن الغرب يكره بشدة أوبك ويسميها (كارتيل الشر) رغم جهودها للحفاظ على توازن أسعار الطاقة ومن ثم سيجد الغرب ورقة مساومة للتحكم بأسعار النفط مقابل أن يبيع لنا وقود المفاعلات النووية ! بالمختصر المفيد إننا سنعطي الغرب ورقة للانتقام والابتزاز في مجال الطاقة بعد أن كنا المسيطرين فيه ! طبعا إخواننا مسئولو مدينة الطاقة النووية والمتجددة لا اعلم أي نظرة يملكون فليست لهم نظرة بعيدة المدى حتى يشعروا بخطر الاعتماد على الطاقة النووية على الأمن الاستراتيجي السعودي وليست لهم نظرة قصيرة المدى حتى يروا ما تحت أقدامهم من خير وسيلكون وزجاج أو طاقة شمسية فوق رؤوسهم ! الخبر الثالث هو ما صرح به أحد مسئولي مدينة الطاقة النووية المتجددة بان الطاقة الشمسية مكلفة ! وكأنهم يستنسخون ويعيدون تصريحاتهم السابقة وقد بينت كما بين غيري في مقالات سابقة أن هذا الموضوع غير دقيق وذكرنا الأسباب لكن هذه المرة سأحيلهم إلى بعض الدراسات الإضافية سواء الغربية أو الدراسات في منطقتنا لعل وعسى ! كما هو معروف أن الطاقة التي تريدها مدينة الطاقة المتجددة من الشمس هي حوالي 44 جيجا وات ! وهناك دراسة من أريزونا تقول إن المساحة اللازمة لإنتاج هذه الطاقة حوالي 45 كلم-مربع ! كل ما نحتاجه من بلدنا التي تشبه القارة المليونية هو 45 كلم-مربع من المرايا والخلايا الشمسية ! هناك دراسة أخرى شهيرة في الشرق الأوسط (إسرائيل) باستخدام المرايا على هيئة أطباق (دش) أكثر كفاءة 5 مرات من الطرق العادية مما جعل الطاقة الشمسية مثل تكلفة سعر البترول ! طبعا إذا استخدمت هذه التقنيات على نطاق واسع فستقل التكلفة بشكل مهول ! السؤال الآخر الذي يفرض نفسه هل نفكر بتوفير استهلاك الطاقة كما نفكر بزيادة الإنتاج ! كمثال سوف تبني وزارة الإسكان نصف مليون مسكن جعلتها صديقة للطاقة، هل تكلمت المدينة مع الوزارة في احتمال وضع خلايا شمسية مثلا على هذه المنازل؟ ! أشك في ذلك فالمعروف عن دوائرنا الحكومية عدم التنسيق بينها ! أطالب بعرض موضوع مستقبل الطاقة وخصوصاً النووية على الجهات العليا الأخرى ودراسته من جميع الأوجه فقد يمثل خطرا على أمننا الوطني وان لا ينظر إليه من ناحية تقنية فقط ! مما قيل هذا الأسبوع : الخبر المأساوي الذي نقلته الصحافة عن تعثر مشروع قطار الحرمين وان الإنجاز فقط 50% من المفروض يجب أن لا يمر دون مسائلة لوزارة النقل والمقاول !فقد وعدنا حجاج العالم انه سيفتتح في عام 2014 والآن ربما أكثر من 2016! هذه سمعة البلد فيجب المحافظة عليها .