وفقاً لمنظمة التعاون الإسلامي، فإن الحملة ضد الإسلام تسير بتوتيرة متزايدة وأنها تتسرب إلى مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية، مما أدى إلى مرحلة أزمة ثقة بالغة خالية من العلاقات بين الاسلام والغرب، ما يجعل مهمة تصحيح صورة الإسلام وتعزيز العلاقات بالغرب أمراً ملحاً فالأمر يتطلب توضيح الصورة الحقيقية للإسلام وتغيير الرؤية الخطأ عنه والتأكيد على مراعاة خصوصية الأديان والثقافات واحترام مبادئها وقيمها وتنوعها، علماً بأن الإسلام يؤكد على القواسم المشتركة بين الأديان السماوية، ويرفض أي محاولات لتعميق الخلاف بينها. يرى الكثيرون أن نظرة الغرب الخاطئة عن الإسلام ليست أمراً جديداً، وأنها تمثل جذورا وعوامل متأصلة تغذي هذه النظرة وتحركها، وأن الجذور قد تفاقمت بصورة خطرة جداً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأدت إلى حملة شرسة ضد الإسلام والمسلمين عرضت صورة الإسلام والمسلمين إلى التشويه. وفي هذا الصدد، فإن الحاجة لعمل مؤسسي يعنى بتحسين صورة الإسلام كانت ولا تزال قائمة، فنحن في حاجة إلى تضييق الهوة فيما بين الإسلام والغرب وبناء الثقة وتحقيق التعايش السلمي. ونتيجة لذلك، تتكرر الدعوات من كل حدب وصوب، مطالبة بالعمل على تحسين صورة الإسلام. فقد جاءت الدعوات خلال العديد من الاجتماعات الرسمية التي عقدت تحت مظلة القمة الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم. كما جاءت خلال المؤتمرات والملتقيات لعلمية التي عقدتها الهيئات والمنظمات الإسلامية داخل العالم الإسلامي وخارجه. فهناك دعوة منظمة التعاون الإسلامي المجتمع الدولي العمل معها على ابراز مخاطر الإسلاموفوبيا على العالم الإسلامي والغرب، وما أعرب عنه البيان الصادر عن قادة العالم الإسلامي في لقائهم في السنغال في 2008م حول تنامي التعصب والتمييز ضد المسلمين والعرب وعن عزم دول المؤتمر تعزيز الحوار لمكافحة السلاموفوبيا، وقرار وزراء إعلام العالم الإسلامي الذي اتخذ في عام 2009م بتأسيس صندوق وخطة تهدف إلى تصحيح صورة الإسلام في الخارج، وتوصية وزراء خارجية دول العالم الإسلامي التي صدرت عام 2010م والتي تدعو المجتمع الدولي لمنع التمييز ضد المسلمين وزيادة الوعي العام بالآثار الخطيرة لتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا. وهناك دعوة المشاركين في اجتماع لرابطة العالم الإسلامي عقد في مارس 2010ه إلى إنشاء هيئة إعلامية إسلامية تعمل على تحسين صورة الإسلام، وتبني جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في عام 2010م خطة عمل مشتركة لتحسين صورة الإسلام في الغرب، ودعوة البيان الختامي لمؤتمر الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف الذي عقد عام 2010م في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالعمل على تحسين صورة الإسلام في الغرب. إضافة لذلك، هناك دعوة مشروع الكتب العالمية عن الإسلام إلى مزيد من التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني في العالم الإسلامي مع نظيراتها في الغرب، ودعوة المشروع أيضاً إلى تفعيل الحوار بين الإسلام والغرب، والذي حسب المشروع، تأخر كثيراً لضعف الجهود الرسمية ولضعف أداء المؤسسات العربية والإسلامية ذات العلاقة. ومن الأمثلة لدعوات عالمية غربية، هناك ما أجمعت عليه النقاشات التي دارت في أروقة هيئة الأممالمتحدة خلال السنوات العشر المنصرمة والذي يؤكد على أهمية التنوع الثقافي وتفعيل الحوار بين مكونات المجتمع الدولي. وما ركز عليه التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» والذي صدر تحت عنوان «حالة الحوار بين الإسلام والغرب» الذي ركز على الأدوار المتعددة التي يتوجب أنه تقوم بها القطاعات المجتمعية المختلفة في دعم الحوار بين الإسلام والغرب، مشددا على دور المجتمع المدني بقوله «بأنه لكي يكون الحوار بين العالمين الإسلامي والغرب أكثر فاعلية ما لم يصل الحوار إلى عمق المجمتع المدني في الجانبين». وهنا يأتي دور الدبلوماسية الشعبية، أي دور مؤسسات المجتمع المدني، الذي أكد عليه معالي مساعد أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور عادل الشدي على أهميتها من خلال دعوة شملتها مقالة له في جريدة «الرياض» نشرت يوم الأحد 22 شوال 1433ه عندما دعا «إلى لفتة إلى واقع مؤسسات المجتمع المدني في العالم الإسلامي وإلى إعادة نظر في واقعها وتحسين مستوى أدائها ومساعدتها على القيام بدورها كعامل مساند للمنظمات والهيئات الإسلامية في مواجهة التحديات الكبرى التي يتعرض لها العالم الإسلامي. كيف لا، وقد زادت الحاجة للدبلوماسية الشعبية كقوة ناعمة في التواصل بين الشعوب، وزادت أهميتها في وقت صار الرأي العام الشعبي هو القوة الضاغطة التي تصنع القرار أو تؤثر في صنعه أو تعمل على تغييره، مما أدى إلى زيادة قوة الدبلوماسية الشعبية كرأي عام، وأصبح يعتد بها في الشؤون الدولية. فلقد أصبح للرأي العام الشعبي في وقتنا الحاضر تأثير على سياسات التعاون السلمي والتعاون الدولي وعلى علاقات حسن الجوار، وصارت الشعوب أكثر وعياً وتطلعاً للوحدة بين الشعوب من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني. وقد زاد من أهمية الدبلوماسية الشعبية الأهمية الكبرى لدور المنظمات والجمعيات غير الحكومية، حيث أصبح المجتمع المدني في كل مكان في العالم يؤمن بأهمية دوره تجاه خدمة قضايا وطنه، مما ضاعف من أهمية الدبلوماسية الشعبية. وقد أدى ذلك إلى أن أصبح التواصل بين الشعوب أقوى وأشد تأثيرا من التواصل بين الحكومات بل أصبحت الدبلوماسية الشعبية المحرك والموجه للسياسات الخارجية للدول، وأصبح التمثيل الشعبي بكل أطيافه - من الشخصيات العامة من علماء العقل والفكر والعقدة، ومن رجال الإعلام والمال والأعمال والقانون - ملازما للتمثيل الرسمي الحكومي، مما جعل العلاقة بين الشعوب أقوى وأعمق من العلاقات بين الأنظمة السياسية، وهذا يعني أنه أصبح يتوجب على الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية أن تعملا معاً، وبشكل متلازم ومتكامل، بهدف خلق التواصل والحوار والتعاون مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة. ونرى، أننا في العالم الإسلامي في حاجة ملحة إلى أن نرتقي بجهودنا المدنية في تصحيح صورة الإسلام وفي تعزيز العلاقات بالغرب، وفي حاجة إلى توحيد الجهود الرسمية والمدنية في تحقيق ذلك، وإلى إيجاد أرضية مشتركة من التعاون الإسلامي الغربي لمكافحة التعصب الديني والثقافي، وإلى استغلال الرصيد المتراكم من علاقات الدول الإسلامية بالدول والشعوب في الغرب لتحقيق ذلك الهدف، وإلى سد الفجوة الناتجة عن غياب المشاركة المدنية الإسلامية في تحسين صورة الإسلام وتعزيز علاقاته بالغرب، وإلي التأكيد على دور الجانب المدني كعامل حماية للجانب الرسمي. كما أننا في حاجة إلى ايصال الحوار إلى عمق المجتمع المدني في الجانبين الإسلامي والغربي، ومد يد التعاون لأصدقائنا في الغرب الذين يتوقون لدعم جهودنا في تحسين صورة الإسلام وإلى تنمية علاقات الإسلام بالغرب، وأن نبين حقيقة هامة، وهي أن هناك رأياً إسلامياً عاماً يحبذ الحوار والتواصل وتقوية العلاقات بالغرب الذي يمثل أهم وأقوى أنظمة مؤثرة سياسياً واقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً وعسكرياً. وفي داخل عالمنا الإسلامي، نرى أننا في حاجة ملحة أيضاً إلى أن ندفع بالاهتمام بموضوع تصحيح صورة الإسلام وتعزيز العلاقات مع الغرب بين شرائح ومكونات المجتمع المسلم، ونستفيد من الجاليات الإسلامية والدارسين في الغرب الذين يمكن أن يلعبوا دوراً إيجابياً في ذلك، ونشجع القطاع الخاص على دعم تحسين صورة الإسلام في الغرب، ونخلق دوراً مستقبلياً في دعم ذلك التوجه من قبل النخب الفكرية في العالمين الإسلامي والغربي، ونوسع دوائر الاتفاق ونقلص دوائر الاختلاف لنعزز التلاقي والتعاون بين الإسلام والغرب. وفي كل لقاء أسعد فيه بالحديث عن هذا الموضوع مع أي مسؤول معني به، ألفت نظره إلى حقيقة أن تجربنا الرسمية في تحسين صورة الإسلام في الغرب أثبتت أنها لم تكن مرضية، فقد كانت مركزة على تحسين صورة الإسلام عبر الوسائل الرسمية، بعيداً عن العمل الرسمي والأهلي المتزامن، وأنوه له عن حقيقة أن الدراسات قد أثبتت أيضاً جدوى التوجه التكاملي في الجهود الرسمية والمدنية لتعزيز علاقات العالم الإسلامي بالدول والمجتمعات الغربية وفي تحسين صورة الإسلام في الغرب. كما نرى أن العالم الإسلامي، وقبل البدء في العمل على تصحيح صورة الإسلام في الغرب، يحتاج إلى معرفة نقاط القوة والضعف في العلاقات بشكل عام وفي عملية تحسين صورة الإسلام بشكل خاص، وأن تنطلق المنظمات والمؤسسات الإسلامية من تلك النقاط في رسم استراتيجياتها وبرامجها وفعالياتها. وسوف يساعدنا التعرف على نقاط الضعف والقوة على التواصل والحوار بين مكونات وشرائح المجتمعين الإسلامي والغربي، وسيمكننا من تحسين صورة الإسلام، ومن ثم إلى تعزيز العلاقات بين الجانبين. * الأمين السابق للغرفة التجارية والصناعية بالشرقية