يتحدث العلماء الأمريكيون عن مرض خطير انتشر بين الاطفال اطلقوا عليه اسم " الوباء الصامت " يعود تاريخه إلى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عندما اكتشفوا بأن 3 – 4 ملايين طفل ممن تقل اعمارهم عن الست سنوات كانوا يعانون من وجود مادة الرصاص في الدم.. كما أجريت في فرنسا دراسات من قبل المختصين في الصحة العامة على 3000 طفل فتبين بأن 340 طفلا منهم كانوا في حالة خطرة، وأن 1800 طفل كانت نسبة الرصاص في دمائهم قد تجاوزت المعايير المقبولة، وكانت حالتهم تستلزم المتابعة الطبية. وقد بقي العلماء في حيرة لا يعرفون السبب الحقيقي لمصدر هذا المرض إلى أن تمكن بعضهم من اكتشاف السبب الذي لا يخطر على بال.. أما السبب فكان هو البيوت القديمة !! حيث قام الخبراء بكشط دهان أخشاب الأبواب والنوافذ فوجدوا تجمعات لايمكن تصورها من مادة الرصاص. بضع مئات من الميللغرامات من الرصاص في غرام واحد من الدهان . في حين القوانين النافذة لا تجيز إلا ملغراما واحدا فقط منه. ومن ناحية نظرية فإن دهانات بمثل هذه النسبة ممنوعة منذ بداية القرن العشرين في جميع القوانين الأوروبية والأمريكية، ولكن بقيت تباع بشكل حر حتى الحرب العالمية الثانية، وكانت النتيجة أن معظم المساكن القديمة لا تزال تعلوها طبقات من الدهان الضار تعود للظهور عندما تهدم الشقة ثم ينقشر الدهان، والضحايا هم الاطفال الذين هم دون السادسة من العمر الذين يصابون بهذا المرض حين وضعهم ايديهم في افواههم لتنتقل مخلفات الدهان أو الغبار السام إلى دمائهم . وهذا تهديد خطير بالنسبة للأطفال الذين تظهر لهم نزعة التهام مواد غير صالحة للأكل كالتراب والرمل والطباشير بالإضافة إلى الرصاص بمذاقه السكري الذي يجذب الاطفال. ومنذ سنوات قليلة بدأت الأبحاث لاقتفاء أثر هذا المرض من قبل الهيئات الاجتماعية والصحية الأوروبية . والوقاية من هذا المرض ليست سهلة إذ لا تظهر عوارض واضحة عند الإصابة به. ومن علامات هذا المرض (تأخر في النشاط الفكري ، واضطرابات عصبية، وألم في منطقة البطن). وتؤخذ عينات من دم الأشخاص المعرضين للخطر ومعظمهم يعيشون في أماكن غير صحية وفي شروط بدائية جداً. وتساهم هيئات حماية الامومة والطفولة إلى حد كبير في عملية تخفيف مخاطر هذا المرض.. وقد هبطت نسبة كمية الرصاص من 250 ميكرو غرام في كل لتر من الدم إلى 150 ميكرو غرام . وفي عام 1991م اكتشفت أدوية طبية يمكن أن تزيل الرصاص تدريجياً من الجسم. إن التسمم بمادة الرصاص يُحدث انخفاضاً في كمية الدم التي تصل إلى الدماغ بالمقارنة مع الجسم الذي تبدو فيه كمية الدم طبيعية..