يرى علماء التربية والنفس والأجناس ان صفات المواليد وأخلاقهم وسلوكهم يعود تكونها إلى عدة أمور أهمها التربية التي تحوز على ما يقارب ستين في المئة، والوراثة التي تبلغ حوالي ثلاثين في المئة ومؤثرات أخرى مختلفة تعود لأسباب كثيرة. وبالتالي فإن نجابة الأولاد أو بلادتهم تعود إلى تلك الأسباب بمشيئة الله عز وجل الذي وضع لكل شيء سبباً. وقد وضعنا العنوان (الأولاد) ليشمل الذكور والاناث.. مع ان العرب في الأغلب لا يهتمون إلاّ بنجابة الأبناء.. أي الذكور وأشعارهم وأمثالهم تدل على ذلك!! مع ان البنت لا تقل أهمية نجابتها عن الابن.. بل ربما كانت أهم لأن البنت هي أم المستقبل ومنجبة الأولاد ومربيتهم وقبل هذا هي نصف المجتمع والنساء شقائق الرجال.. ورغم ان الإسلام الحنيف أنصف المرأة وأكرمها إلاّ ان معظم العرب وعلى مر العصور لم يفعلوا ذلك ولم يطبقوا تعاليم الإسلام كما يجب فهم لا يفرحون بمولد البنت بل يحزنون، وهم لا ينصفون البنات، وكثير منهم يفضل أبناءه على بناته. ولا شك ان هذا من آثار الجاهلية الأولى، ففي العصر الجاهلي كان الكثيرون يئدون البنات، يقبرون البنت حية والعياذ بالله ومن أمثالهم المخيفة والسخيفة: نعم الصهر القبر! أعوذ بالله! وكل الأمم والأجناس يحرصون على نجابة الأبناء والبنات ويكرهون البلادة والغباء والكسل والخمول والخمود في الأولاد.. غير ان العرب أشد حرصاً على نجابة الأبناء من غيرهم وأكثر كرهاً لبلادتهم لأن الأبناء عز وعزوة في نظرهم ولأنهم ينفعون آباءهم أحياء ويعطرون ذكراهم أمواتاً. ويؤكد الشعراء ويشددون على اختيار الزوجة التي آباؤها واخوانها مشهورون بالشجاعة مشهود لهم بالكرم لأن أهم خصلتين عند العربي الشجاعة أولا والكرم ثانياً.. لذلك أوصى شعراؤهم وحكماؤهم بحسن اختيار الزوجة والتدقيق في ذلك لكي تنجب لهم أبناء نجباء يرفعون رؤوس الآباء.. وكان الرجل هنا الأب لا عيب فيه فهو يرمي العيب ان وجد في الولد على المرأة لا غرابة عادة أكثر العرب تهوين المرأة وللأب دور أساسي في نجابة الأولاد أو بلادتهم لأنه قدوة لهم قال الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه وقال آخر وتنسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: حرض بنيك على الآداب في الص غر كيما تقر بهم عيناك في الكبر فإنما مثل الآداب تجمعها في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ولا يخاف عليها حادث الغير إن الأديب إذا زلت به قدم يهوي إلى فرش الديباج والسرر الناس اثنان: ذو علم ومستمع واع، وسائرهم كاللغو والعكر ويقول المؤمل: ينشأ الصغير على ما كان والده ان العروق عليها ينبت الشجر فالولد فعلاً يراقب أباه وينسج على منواله ويقلده ويعتبره قدوة فإن كان الوالد صالحاً كان الولد أقرب إلى الصلاح والعكس صحيح.. يوقل نهشل بن حري: بنو الصالحين الصالحون ومن يكن لآباء سوء يلقهم حيث سُيّرا أرى كل عود نابتاً في أرومة أبى نسب الفتيان ان يتغيرا والارومة هي أصل الشجرة وأصل كل شيء ولفظ الصالحين يشمل الأب والأم والتعبير بالآباء للتغليب. وينهى حميدان الشويعر عن الزواج من بنت البخيل لا تناسب بخيل كثير الحلال مهنته كل يوم يقيس عشاه ناسب اللي يرحب إلى جو جياع والتبسم بسنه من اول قراه وقال يصف النجباء والبلداء من الأولاد: إلى جاك الولد بايديه طين وله غرس يدفن في جفاره ترى هذاك ما ياخذ زمان الا وهو جامع عنده تجاره والى جاك الولد زملوق خندق ومن نوم الصفر غاش صفاره يبيع ورث امه هو وابوه مجيع ما تعيشه الفقاره فحاذر يا اديب تحط عنده لك بنت تموت بوسط داره وبالنسوان من هي شبه صفرا ولدها بالشبه تعرف مهاره وبالنسوان من هي مثل باقر ولدها بين فيه الثواره! وبالنسوان من جنس الفواسق ولدها جرذي من نسل فاره! ولا للبوم يوم شيف صيد ولا شيفت بقرة بالمعاره وقسى حميدان على النساء وهو من أعداء المرأة رأيه فيها مجروح.. ويقول راشد الخلاوي: اوصيك يا ولد وصاة تضمها الى عاد مالي من العمر زايد لا تاخذ الهزلى على شان مالها ولا تقتبس من نارهم بالوقايد لا تاخذ الا بنت توم حميده لعل ولد منها يجي بالفوايد