في أقل من شهرين تقوم رئيسة الدبلوماسية الأمريكية هيلاري كلينتون بجولة في المحيط الهادئ أو الباسفيك كما يحلو للأمريكيين تسميته وهي المنطقة التي سمّاها الجنرال الأمريكي مارتن ديمبسي منطقة التحديات الإستراتيجية المستقبلية. في الوقت الذي تسعى فيه الولاياتالمتحدة لفرض سيطرة مطلقة على المحيط الهادئ، بإرسال 60% من أسطولها إلى مياه المحيط، وتوسيع تعاونها العسكري مع دول فيتنام والفلبين وتايوان، تحاول الوزيرة كلينتون التخفيف من الاحتقان الصيني المتراكم من خلفيات تصرفات أمريكية رأتها الصين استفزازاً يستهدف منطقة نفوذها الجغرافي في بحر الصين الجنوبي. لذا سعت كلينتون بإطلاق تصريحات لامتصاص غضب بكين التي تتهيأ الوزيرة الأمريكية لزيارتها غداً وبادرت لإطلاق تصريحها حول المحيط الهادئ التي قالت أنه يتسع لأمريكا والصين. ما وراء هذه الجولة وسط التوترات الحدودية بين الصين ودول الهادئ ترغب الولاياتالمتحدة التي تعيش على واقع انتخابات تسعى فيه لاستقطاب الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في 3 نوفمبر المقبل لاختيار الرئيس الأمريكي المقبل. إذ يعد ملف السياسة الخارجية أحد الأوراق التي يعول عليها المرشحان الديموقراطي والجمهوري من أجل كسب الأصوات من خلال إبراز البراعة السياسية في التعاطي مع الملفات الخارجية. وبالنظر لأهمية المنطقة بالنسبة للأمن القومي الأمريكي وتصاعد النفوذ الصيني جاء التحرك الأخير من كلينتون لترسل إشارة لأهمية المنطقة إستراتيجياً، موجهة لبكين فحواها أن الصين تناور في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة. وكذلك لتطمئن حلفاءها في المنطقة وخصوصاً سيئول وطوكيو أنهما يراقبان عن كثب ما يحدث، ويتوقع أن يتطرق الجانبان بالنقاش للأزمة الحدودية حول سيادة الجزر إذ تلقي الازمة بظلالها على علاقات الصين بجيرانها في وقت الذي تحاول اميركا استغلال الفرصة من اجل تقديم الدعم والحماية للدول التي لا طاقة لها بنزاع التنين الصيني، وينتظر ان تناقش كلينتون ونظيرها يانج جي شي وزير الخارجية الصيني هذا الأمر. ويشير خبراء في العلاقات الصينية الأمريكية إلى أن التوترات التي تعاني منها المنطقة الشرق آسيوية يعود بشكل أو بآخر إلى واشنطن التي تحاول تحريض وتأجيج الدول في بحر الصين الجنوبي من اجل تحقيق مكاسب. الأمر الآخر وهو وثيق الصلة بالأول أن واشنطن في سعيها إلى أحكام السيطرة على الجزر المتناثرة حول الفلبين وإندونيسيا ترى في تلك الجزر فرص عسكرية على طريقة جزيرة غوام إذ تتخذ واشنطن تلك الجزر كحاملات طائرات ثابتة وكانت قاعدة غوام منطلقاً لقاذفة القنابل الضخمة ( ب 52) خلال حرب العراق عام 2002. ونظراً للخطوة الاميركية المنتظرة بإرسال أكثر من نصف اسطولها إلى منطقة النمو النشطة، تسعى بشكل أو بآخر لتهيئة الاجواء من خلال محادثات جدية لتوفير الدعم اللازم والحصول على القبول المبدئي للضيوف المنتظرين. توقيت هذه الزيارة بعيداً عن حضورها منتدى جزر المحيط الهادىء، يبقى تزامن الزيارة مع الاستعداد للانتخابات الأميركية أهم المعطيات وتدخل منعطفاً حرجاً بفعل اقتراب الاستحقاق وتقدم الجمهوريين في استطلاعات الرأي الأخيرة على الديموقراطيين، لدرجة ان كلينتون لن تحضر مؤتمر الديموقراطيين المنتظر خلال الايام المقبلة بسبب الزيارة ، وإذ يتوعد رومني المرشح الجمهوري للبيت الابيض بمقاومة النفوذ الصيني وكذلك منافسه الرئيس باراك أوباما الذي شن هجوماً على السياسات التجارية للصين في وقت سابق. يظل الواضح أن احتواء الصين او السيطرة على نفوذها وتأثيرها أحد الأجندة الرئاسية في الانتخابات الأمريكية المقبلة سواء لديموقراطيين أو الجمهوريين.