عندما تنطق لميعة عباس عمارة، كل شيء يرقص جذلاً لها، تتلاعب الحركات حتى تسمرنا ونحن نغوص في سحر نظراتها، وحركات يديها كأنها تعزف لحناً نبع من قاع نهر الغراف ( نهر في العمارة يتعمد به الصابئة ) فترقص لها جنيات البنات اللواتي خضنه يطلبن بركة وجلباً للحبيب .. من دار المعلمين العالية في بغداد حلقت شعلة الشعر الحر، ومنه نمت وتجذرت ما بين نازك الملائكة التي عشقت الليل وعشقها حزن الكوليرا، توحدت مع الشعر في عالم جديد جميل، وانطلقت الكوكبة بمن يحمل مشعلها، داود البريكان وبدر شاكر السياب، ولميعة عباس عمارة ..وغيرهم. طوى الموت جميعهم وبقيت لميعة عباس عمارة، سيدة الجمال الشعري، نبحث عن كلماتها وشعرها، وحديث لها هنا وهناك، يعيد للحياة رونقها.. كبرت عمراً وجسداً وبقيت تتألق في داخلنا حباً ووجداً .. عندما نعود لكلماتها الراقية وعذب صوتها، كل يشعر أنها غنت له شعرها، حملت له آهاته وزوقتها لتخرج كلمات عذبة تزيل صدأ الأيام .. منذ زمن طويل سمعت لها قصيدة عذبة عن الأم، أبكتني وأضحكتني، وأحسست أنها كتبتها لكل الأمهات، ليقرأها كل فتى وفتاة لأمه، وتتداعى له القصائد عن الأم وأصوات شعرائها أو مطربيها، ويمكن جمعها كتراث عربي وطني لتخليد الأمهات .. لنقرأها فيساقط ثمر الحب علينا، كما تساقط على مريم رطب النخلة : (سلامٌ لأُمي) وأمي امتحان الجمال العفيف ليبقى على الأرض روحاً نقيه أًعاتبُ نفسي كثيرُ العتاب وأُشهدُ ان كنتُ بنتاً شقيه اسرُ إذا ما مرضتُ وأسعى لأمرض كي تتعذب أُمي ولو من عذابي وحين كبرت وأعرفها تكره الهوى صار حديث الهوى متعتي في شبابي أكلمُ أولاد حارتنا ولو عن كتابي ليبلغ ذلك أُمي لتقسو عليّ وأسخر من ما يسمى وفاء بقدر معاناة أُمي الوفيه فامي القيود..ورجعية العصر. .والقهر..والقمع ..والقبليه .. وها صرت أماً لأُمي وأمي امتدادُ الشرائع فيه وامي التي حملتني شهوراً واحملها كل عمري استحالة ضميري إذا مانويت تغلُ يديه فاستغفر الله من سوء نيه سلام لأمي .. التي علمتني بقسوتها كيف أمشي على الشوك أو أتمددُ! فوق المساميرِ قادرةً .. لاضحية!) فقليل من الشعر يفرح القلب فكيف عندما يتدفق من لميعة. أمدها الله بصحة وعافية ..