كتب العضو في مجلس النواب الفرنسي " جان بيير دوكول" رسالة إلى وزير الدفاع الفرنسي يدعوه فيها للعمل على إعادة الاعتبار إلى الحمام الزاجل في المؤسسة العسكرية الفرنسية والتحرك على مستوى الاتحاد الأوروبي لجعل هذا الطائر جزءا أساسيا من منظومة الدفاع الأوروبية المشتركة. وقد رحب الوزير الفرنسي بالفكرة وتعهد بدراستها بشكل جاد انطلاقا من ملاحظات وحقائق كثيرة منها أن المؤسسة العسكرية الفرنسية لا تملك اليوم إلا محلا وحيدا في فرنسا كلها لتربية الحمام الزاجل يقع في ضاحية باريس الغربية. ويتناقض هذا مع مبادرات كثيرة في بلدان أوروبية وغير أوروبية لتنمية الحمام الزاجل بهدف استخدامه في أغراض عسكرية وفي مجال رصد حرائق الغابات والكوارث الطبيعية. وفي هذا الإطار مثلا عمدت الصين الشعبية العام الماضي إلى انتداب عشرين ألف حمامة من الحمام الزاجل لتدريبها على القيام بمثل هذه المهام. وكان الفرنسيون شأنهم في ذلك شأن غالبية شعوب العالم الأخرى قد استعانوا بالحمام الزاجل خلال الحروب التي خاضوها أو فرضت عليهم للتغلب على العدو أو للتصدي له. وتمكن الألمان والفرنسيون والإنجليز خلال الحرب العالمية الثانية من تربية حمام زاجل كانت مهامه الأساسية تتمثل في التحليق فوق العدو لنقل صور دقيقة عن تحركاته الميدانية من خلال كاميرات متطورة كانت توضع تحت البطن. استخدام الحمام في رصد حرائق الغابات والكوارث الطبيعية "الحمامة الشجاعة " ومن يزور اليوم متحف الحمام الزاجل العسكري قرب العاصمة الفرنسية يكتشف قصصا عجيبة عن بطولات هذا الطائر في التاريخ الفرنسي البعيد والقريب. ومن هذه القصص واحدة موثقة حتى الآن بالنصوص والرسوم والصور. وهي قصة حمامة لقبت ب"الشجاعة" وحصلت على أوسمة كثيرة بعد الحرب العالمية الأولى . وكان قائد عسكري فرنسي يدعى "رينال" قد كلفها بحمل رسالة من حصن يقع غير بعيد عن مدينة فيردان إلى القيادة العليا في هذه المدينة. ويقول "رينال" في هذه الرسالة إنه غير قادر على الثبات أكثر مما ثبت أمام الجنود الألمان الذين كانوا يحاصرون الحصن لاسيما وأنهم يستخدمون غازات وأدخنة سامة ضد الجنود الفرنسيين. وبالرغم من أن هذه الغازات والأدخنة كانت تغطي سماء المسافة الفاصلة بين الحصن والمدينة، فإن الحمامة تمكنت من الوصول إلى حيث أرسلت. وكان يعتقد أنها ستموت بسرعة بسبب تسممها بالغازات والأدخنة التي استخدمها الألمان. ولكنها تحملت السموم وأدت المهمة التي كلفت بها وعاشت بعد هذه الواقعة سنوات عديدة قبل أن ترحل. .. والصين تدرب 20 ألف حمامة لأداء مهام مختلفة من القصص الأخرى التي يرددها اليوم هواة تربية الحمام الزاجل في فرنسا واحدة تقول إن أحد أبناء "أميشل روتشيلد" تاجر العملات القديمة في القرن التاسع عشر توصل إلى كسب أموال طائلة بفضل حمامة من الحمام الزاجل الذي كان يربيه في ضواحي لندن. فقد علم عبر هذه الحمامة قبل السلطات الإنجليزية بخبر هزيمة القائد العسكري الفرنسي نابوليون بونابارت في معركة واترلو قرب بروكسل في الحادي عشر من شهر يونيو عام 1815. واستفاد ابن روتشيلد الذي كان يدير مصرفا في لندن من هذا السبق الإعلامي لشراء أسهم كثيرة في شركات معتمدة في البورصة وكانت تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في الحرب ضد نابوليون. وبمجرد تأكد خبر انهزام القائد الفرنسي التهبت أسعار هذه الأسهم. "حمامة بلا طيار" ويرى كثير من غير المطلعين على تاريخ الحمام الزاجل أن مقترح النائب الفرنسي الرامي إلى إعادة الاعتبار إلى الحمام الزاجل في المؤسسة العسكرية الفرنسية يندرج في إطار المبادرات غير الجادة التي يعمد إليها عادة السياسيون في البلاد لجذب الانتباه إليهم خلال العطلة الصيفية. ولكن الخبراء العسكريين والذين يعنون بالكوارث الطبيعية يقرون بجدية المقترح فيقولون إن تربية الحمام الزاجل بكثافة في فرنسا بشكل خاص وفي أوروبا عموما من شأنها المساعدة على الحد من النقص الكبير الذي يشكو منه الأوروبيون في الحصول على المعلومات التي تقدمها عادة طائرات بلا طيار. وصحيح أن البلدان الأوروبية بدأت اليوم تستثمر في تقنيات صنع مثل هذه الطائرات ولكن الأمريكيين والإسرائيليين هم الذين لايزالون يتحكمون اليوم في التقنيات التي تسمح بصنع طائرات بدون طيار تستخدم في زمني الحرب والسلم. وبإمكان الأوروبيين على الأقل - في انتظار تطوير مهاراتهم في هذا المجال - توظيف الحمام الزاجل للقيام ببعض المهام المندرجة في هذا الإطار. الحمام الزاجل يساعد الإنسان على التصدي للكوارث الطبيعية. حمامة كان الفرنسيون يستخدمونها خلال الحرب العالمية الثانية لنقل صور عن تحركات العدو