قال لقمان لابنه: (يا بني إن الرجل ليتكلم حتى يقال أحمق وما هو بأحمق وإن الرجل ليسكت حتى يقال له حليم وما هو بحليم) هذه حكمة من حكم لقمان. وهي من الحكم التي تستدعي الفراسة أكثر من استدعائها للفكر . ومثل هذه الوصايا تتيح فرصة للتأمل العملي. ففي حياتنا الاجتماعية كم خدعنا بالصمت ، والصامت ، والصموت، وكم خدعنا بالكلمة والمتكلم والكلام؛ فهذا المجال يتحكم بحيز من المراوغة الذهنية بين المرسل والمرسل اليه. نعود إلى سهولة الكلام فنقول إن الصمت والكلام ينتجان خدعا للمتلقي فالصمت الذي هو عري عن القول . من الممكن أن ينتج لغة خاصة به ، وهي عبارة عن رسالة للمتلقي مفادها أنني حكيم أو حليم أو شجاع . . كل هذه الرسائل قد تصل إلى المتلقي بسبب الصمت لهذا قعد الإمام الشافعي قاعدة أصولية وهي (لا ينسب لساكت قول) وهناك قاعدة أصولية تقول: (اذا اجتمعت الإشارة والعبارة تعتبر الإشارة) واعتبار الإشارة هنا لأنها أبلغ من العبارة ؛ طبعا هذا في حالات معينة لا على الإطلاق على كل حال هناك لغة أهملها المدون وهي دلالات الإشارة وقد وصلنا شوارد منها مثل بعض حركات بعض علماء الجرح والتعديل بأيديهم أو برؤوسهم للدلالة على جرح أو تعديل أو لغة العيون أو لغة الحواجب أو لغة الأيدي ولعل مثل هذه اللغات تعود في جذورها الى عصر ما قبل اللغة التي نتحدث بها في هذه الأيام.