من منّا لا يتمنى عودة شهر رمضان المبارك فتالله إني أتحِنُّ إليه لبركته وحسناته الكُثر، ففواته ليس انقضاء للحسنى بل يمكننا أن نجعله دائماً ومستمراً ليس بأيامه المعدودات بل بأجورها المعروفات فلما لايكن الصوم ديدننا والقيام قوتنا والصدقة والذكر نفاحتنا التي نستعطر منها كل عذب. نحن لفراقه محزنون ولكن نستطيع إعادة وقائعه بتواصلنا على الصالحات واستمرارنا عليها وعدم التقاعس فيها؛ فرمضان مدرسة استمرارية نستطيع من خلالها أن نجند أنفسنا أبد الآبدين لكبح جماح النفس وطرد براثن الشياطين عنها فكلنا خطاؤون فما أحوجنا إلى تتابع سلسلته المتواترة وعدم تركها البتة والإبقاء على ليالي الوتر لتكن أنسنا الذي يطرح في رزقنا وصحتنا الخير والبركة. هذه النفس البشرية ملولة ومستاءة وتقع في وحل الرزايا فهي بحاجة إلى مُصلح قوي يُذّكرها بشعائر الإيمان وقوامه فليكن رمضان حاضرا بيننا ناصح لنا أمين لجوارحنا حافظ لماء وجهنا من العثرات والزلات فذلك الدائم لو عاهدنا انفسنا أن نبقيه بيننا ضيفا أريحيا سنصل إلى ماكنّا نبحث عنه من ألفة وسماحة ووقار، فلا تجعلوا الحزن يكويكم لفراقه من الآن أعدّوا له العّدة وجاهدوا النفوس وطوّعها لكي تنال الأجر والثواب فأيامنا تحتوي على كنوز من الحسنات ولكن من يجنيها ويعثر عليها هو الفائز وأن عثر لابد أن يرعاها ويكتنفها بكنفه ويتأمل كيف يجعلها تدوم وتبقى دون منّا وأذى. فبوركت أيامنا لو اقترنت بالطاعات المستمرة والصالحات الدائمة وجبلناها على ذلك وابعدناها عن دروب الغواية والضلال وظلّ رمضان يسكنها وتسكنه.