نجحت الفتاة السعودية في التغلب على حاجز العادات والتقاليد الذي كان يحول بينها وبين اقتحام المجال التلفزيوني والمسرحي، لتتمكن في السنوات الأخيرة من تسجيل حضورها الفني المميز في الإخراج والتمثيل والمونتاج، مقدمةً نموذجاً مشرفاً للفتاة السعودية التي تصر على المشاركة في تنمية الوطن في كافة المجالات. "الرياض" عبر هذه المساحة تحاور السعوديات اللاتي دخلن المجال الفني وتسألهن عن احتياجاتهن وعن النظرة السلبية لهن من المجتمع. بداية قالت الفنانة المسرحية السعودية سمر سالم - وهي مخرجة وممثلة إذاعية أيضاً - أنها تخطت تلك الحواجز الاجتماعية منذ ثمانية أعوام على خلفية موهبة تقليد الأصوات التي تمتلكها، فأراد والدها أن تصقل موهبتها من خلال الإذاعة كخطوة أولى، واستطاعت بفضلها أن تكون اسماً إذاعياً لامعاً، قبل أن تنتقل من خلال الإذاعة إلى عدد من القوالب الفنية كمساعدة مخرج، وممثلة مسرحية حتى انتهى بها المطاف حالياً إلى أن تكون مخرجة مسرحية، حيث أخرجت في عيد الفطر مسرحية نسائية بعنوان "الركادة زينة". وحول تجربتها في الإخراج أضافت أنها لم تتلق أي تعليم في المجال الإخراجي والفني بشكل عام، وأن عملها قائم على التمرس نتيجة انعدام المعاهد والأكاديميات التي تعتني بهذا الجانب في المملكة خاصة للمرأة، مع أهمية هذا المجال الذي يعد مرآة واقعية لقضايا المجتمع، مشيرة إلى أن الإخراج يعد من أهم مراحل العمل الفني الذي لا يرعى في المملكة بشكل كاف، خاصة أنه يؤثر في النص والمفردات وحركة الفنان وتحديد الهدف من بعض الجمل، فحتى يمتلك المخرج عين الناقد لابد أن يصقل موهبته من خلال أكاديميات ودورات معتمدة. وأكدت سمر أن المجال الفني لايزال اجتهادي لدينا، وأن المجتمع يجب أن يعي أن العمل الفني مشابه للعمل التعليمي والطبي، وأن الموهبة والرغبة من أهم مقومات النجاح في كل مجال، فكلٌ له رسالته وفكرته، مشددة على ضرورة تخلص المجتمع من بعض الأفكار السلبية حيال هذا المجال، موضحة أنها واجهت في البداية العديد من المعارضين، ولكن وجود أسرتها بجانبها ودعمها خفف عليها حدة النقد الموجه لها. هند محمد بينما أضافت أول فنانة سينمائية سعودية هند محمد أن الإعلام الأوروبي في فرنسا احتفل بها في مهرجان "القارات الثلاث" بعد فيلم "كيف الحال" عام 2005، ولكن بلدها استنكرها ولم يقدر نجاحها، وأن المثبطات التي تواجهها كفنانة سعودية زادتها ألقاً ورغبة ملحة في قفز الحاجز الاجتماعي الهش الذي لا يعتمد على أسباب مقنعة، وأنها من خلال دعم أسرتها نجحت في أن تكون أول مشاركة سعودية في أوبريت الجنادرية شمس الشموس 2009 من خلال العرض المرئي المقدم. وأكدت أن المرأة السعودية تستطيع أن تبرز وتلمع في هذا المجال في حال أرادت ذلك وأن المجال الفني متنوع وواسع وسيخلق فرص عمل وتنمية مواهب لمئات السعوديات، فنحن نفتقر وجود المخرجات السعوديات والمنتجات والفنانات والكاتبات كذلك، وأنه يجب عدم الالتفات ل "المتشددين" الذين لا يشكلون شيئاً بجانب الشريحة الأعظم المتفتحة التي تقدر عمل المرأة أينما كان. وأكدت هند أن المرأة السعودية هي الأحق في تمثيل قضايا مجتمعها وخصوصيته، وأنه من غير المنطقي أن تجسد ما تمر به المرأة السعودية فنانة غير سعودية فهناك عدد من التفاصيل لن تعيها غير الفنانة السعودية، مؤكدة أن المرأة استطاعت أن تثبت نفسها وإن كان بحركة بطيئة بسبب ضيق المساحة وانخفاض سقف الحرية. من جهتها قالت الفنانة أمينة العلي: "بحكم ولادتي ونشأتي في السعودية فأنا أعاني من ذات القيود الاجتماعية التي تعيشها الفتاة السعودية، فمعاناة المرأة السعودية لا تختلف عن معاناة المرأة العربية وإن اختلفت القضايا، مشيرة إلى أنها عانت كثيراً من والدتها عند رغبتها في دخول المجال بسبب العرف والعادات والتقاليد التي نشأوا عليها، وأنها حاولت جاهدة إقناع والدتها أن الفن ثقافة مجتمع وموهبة يجب أن تصقل لا تموت، خاصة وأنها توصل رسالة سامية لأفراد المجتمع، مشيرة إلى أن دائرة الفن السعودي بدأت تتوسع، فأصبحت معظم الأعمال الفنية تقدم من كتاب ومخرجين ومنتجين سعوديين، ولكن ما ينقص الفتاة السعودية هو الأكاديميات التعليمية والدورات المكثفة لتستطيع أن تبرز في هذا المجال بعيداً عن الاجتهاد المتخبط الذي يكون سبباً قوياً في فشل بعض الأعمال الفنية، كما أننا بحاجة لوجود نقابة متخصصة في حماية الفنانين والفنانات ولحفظ حقوقهم. واتفقت الفنانات الثلاث على أن المرحلة الحالية تعد مميزة من حيث قدرة الفنانة السعودية على تسجيل حضورها في الأعمال التلفزيونية والمسرحية، وما المسرحيات النسائية التي عرضت خلال العيد إلا تأكيد لذلك، لكن لا تزال هناك عوائق تحول دون دخول العديد من الفتيات السعوديات الموهوبات في هذا المجال. وتمنت الفنانات المزيد من الدعم الحكومي والاجتماعي للوسط الفني عموماً وللفنانة السعودية بشكل خاص. المسرح النسائي وفر مساحة كبيرة للفنانات السعوديات