أثر عربي يقول: قد يعذرك الناس إن لم تزرهم في أفراحهم، لكنهم لن يعذروك إن لم تزرهم في أتراحهم. زيارة المرضى الخاضعين للمعالجة الطبية في المصحات أمر محبب. وهو من الأمور التي تعطي المريض بعض الراحة النفسية، والدعم الطيب من الأقارب والمحبين. وفي السنين الأخيرة صاحب تلك العادة نزعة أخرى وهي إرسال باقات الورود بأحجام مختلفة، ويجري وضع تلك الباقات في غرف المرضى، وإن ضاقت المساحة وضعوها في المداخل والممرات. وهذا التواصل شيء جميل. غير أنني أرى فيه بعض المبالغة التي لا لزوم لها. بعضها يصل إلى حد التنافس.. وكأن الزوار مشتركون في مباراة تنسيق أزهار..! أو في اختيار الأجمل من النباتات. وإن زرت أحداً فقد تجد بعض العراقيل.. في شق طريقك كي تصل إلى المريض.. وتسلم عليه.. وترجو له الشفاء العاجل. في ظني أن تلك الممارسات الجديدة على المجتمع تجعل الزوار طبقات كل حسب باقته. وهذا يحرج الأصدقاء والأقارب ممن لم يتمكنوا من تحقيق هذا البروتوكول الغريب. في الغرب يستعملون بطاقات من نوع مريح وجذاب تقول للمريض: عد إلى صحتك.. قريباً.GET BETTER SOON. وتلك البطاقة يجري إرسالها بالبريد. وتسلم إلى المريض في اليوم التالي. ويقرؤها هو وأهله، ويحتفظون بها للذكرى.. والعرفان بالمحبة. البعض عندنا يضع سجلاً لمن زاره.. ويتخذ موقفاً ممن لم يزره. وهذه عادة غير مستحبة. فلنفترض حسن النية. ونقول لأنفسنا: ربما كان سبب عدم زيارة فلان راجعاً إلى بعده عن المدينة.. أو إلى عدم معرفته بالحالة. كذلك فالبعض لا يحب زيارة المستشفى. إما لسبب نفسي أو لخوفه من العدوى التي قد تنتشر فيروساتها في ردهات وممرات ومصاعد المستشفى. فلنعط بعض العذر.. ونقلل العتب. عيادة المرضى والسؤال عنهم هما شكل من أشكال التواصل الاجتماعي المهم، لكن هذا النوع من الزيارات مقيد بقواعد وشروط أساسية يتعين احترامها والالتزام بها. أحياناً قد تسمح إدارة المستشفى بدخول الشخص لوقت محدد مثلاً، وعلى هذا الزائر أن يلتزم بالأمر، إذ ثمة أفراد يدخلون ويبقون هناك لساعات، وهذا أمر غير لائق. ويلجأ بعض الأشخاص إلى الكذب واختلاق الأعذار في محاولة للدخول عند المريض في الفترة التي لا يسمح فيها بالزيارات، لا لزوم لهذا الأمر، بل جل ما كان يجب فعله هو الاتصال للاستفسار عن مواعيد الزيارات. ومن المهم أيضا عدم الجلوس على سرير المريض، حتى ولو دعاه هذا الأخير إلى ذلك لاسيما إذا كان بجسمه إبر، أو كان قد خضع إلى جراحة لأن أي حركة يمكن أن تسبب ألماً للمريض. شفى الله مرضى المسلمين..