عندما يتعرض أيُّ شخص ل»وعكة صحية» تُلزمه المبيت بالمشفى يفضل أن يكون معه مرافق يؤنسه ويهتم به، ولكن ليس كل مريض يحتاج إلى من يرافقه، وهو الأمر الذي قد لا يتفهمه الكثير، فالبعض يعتبرون مرافقة المريض نوعا من الرفاهية وتغيير الأجواء، وهناك من ينظر إليها بأنّها ضرورة ملحة واجبة للمريض، وآخرون لا يَعوُن الأضرار الناتجة عن مرافقتهم للمريض، ومن أبسطها انتقال العدوى و»الميكروبات» الوبائية. «الرياض» سلّطت الضوء على حالات تأذت من عدوى المستشفيات، وأمراض تسبب بها المرافقون للمرضى، وتعرّفت على آراء مختصين حول الآثار السلبية، والشروط والضوابط التي لابد أن تتوفر في مرافقي المرضى. تصرفات خاطئة وأوضحت «ابتسام عبدالرحمن» انّها كثيراً ما تسمع وترى من خلال زياراتها لبعض الأقارب بالمستشفيات أنّ هناك مرضى لا يستدعي مرضهم وجود مرافق، ومع ذلك يكون هناك من يجلس ويستقبل الزوّار، ويسبب الكثير من الإزعاج؛ من حيث الحديث المتواصل والضحكات العالية، والوجبات التي تحضرها المرافقات مع الزائرات -دون مراعاة بعض الحالات التي تحتاج إلى الهدوء-، إضافةً إلى أنّ كثيراً من الغرف بحاجة إلى التهوية بسبب أنّ المكان ضيقا ولا يحتمل إلاّ عدداً محدوداً من الأشخاص، وكذلك عدم الحرص على نظافة المكان؛ مما يزيد من احتمالية انتقال العدوى بين المرضى والزوار والمرافقين، لذلك يجب أن يكون هناك ضوابط وشروط للمرافقين، حتى لا تنتقل مرافقة المريض من حاجة إلى ترف!. عدوى المرافق ويرى «نايف المالكي» أنّ هناك بعض الحالات تستوجب أن يكون لديها مرافق كالأطفال وحالات الجراحات الصعبة وكبار السن، وغير تلك الحالات الصعبة فبإمكان الطاقم الطبي المجهز بكل المستشفيات الاعتناء بالمريض، ويمكن لأهله زيارته في الأوقات المحددة للزيارة، مشيراً إلى أنّ هناك بعض الحالات يتسبب وجود مرافق لها بالكثير من الإزعاج والألم، وقد تزيد من سوء حالة المريض، مضيفاً أنّه يعرف كثيرا من معارفه أصيبوا بأمراض متعددة بسبب مرافقتهم لمرضى، وقد اعترفوا بأنّ حالة مرافقيهم لم تكن تستدعي إلاّ أنّه من باب الواجب رافقوهم، ومن هذه الحالات عندما يكون المريض بالعناية المركزة أو تُجرى له عملية بسيطة، ومن أكثر الأمراض التي يتلقاها المرافقون هي أمراض الجهاز التنفسي، والتي عادة تصل للمرافق من تجواله عبر الأقسام والممرات أو حديثه مع المرضى. وكشفت «منى فيصل» أنّها أصيبت بعدوى في جهازها التنفسي عندما كانت ترافق إحدى أخواتها، وذلك بسبب أنّ مناعتها ضعيفة، مضيفةً أنّ مرافقة المريض يجب تكون للضرورة الملحة فقط، مشددة على أهمية توفير الاحتياطات للمرافقين والتي تجنب إصابته بالأمراض أو حتى نقلها إلى المرضى. مساعدة المريض في الخروج من الحالة النفسية إحدى مهام المرافق وعي ومسؤولية وشدّد «سامي الغانم» -ممرض- على أنّ مرافقة المريض لا تكون إلاّ من شخص واعٍ ومسؤول؛ مما يجعله لا يرتكب أخطاء في حقه أو حق المريض، وعليه اتباع نصائح الطبيب وعدم الاجتهاد في الأمور الطبية التي تخرج عن نطاق فهمه، مضيفاً أنّه رغم كثرة متاعب المرض وشدة آلامه يدخل المريض في حالة نفسية يرثى لها؛ جراء ارتفاع توجساته، وبالتالي يكون بحاجة ماسة لوجود مرافق معه يشعره بالأنس والطمأنينة، حيث يمكن للمرافق أن يبعده -ولو نسبيّا- عن الإحساس بالوحدة والعزلة، لأنّه مهما ارتفع مستوى خدمات التمريض والعناية المقدمة له فإنّه لن يرفض أن يرافقه أحد أقاربه أو أبنائه، ولذلك يجب أن يُضمن للمرافق أيضاً الصحة وتأمين الجو الملائم، ولا يعقل أن يكون المريض ومرافقه في غرفة لا تتسع إلا لثلاثة مرضى فقط بدون مرافقين، وكذلك لابد من استخدام «الكمامات» في حالة مرافقة مرضى المصابين بأمراض معدية، ويجب على المسؤول عن المرافقين معرفة إذا ماكان المرافق يعاني من أيّ أمراض كالحساسية أو ضعف الجهاز التنفسي أو نقص المناعة، حتى لا تتأثر صحته خلال فترة مرافته للمريض. إصرار الأقارب وأشار «د.طارق الأزرقي» -استشاري الباطنية ومتخصص في الأمراض المعدية الوبائية بمستشفى عسير المركزي- إلى أنّه عندما يتم تشخيص حالة المريض يُحدَد إذا ماكان بحاجة إلى من يرافقه، وفي حال كان هناك اشتباه -ولو بسيط- بأنّ المريض لديه مرض وبائي مُعد، ويمكن أن ينتقل للمحيطين لديه عن طريق اللمس أو الهواء أو حتى الرذاذ، فإنه يعزل ولا يُسمح بأيّ حال من الأحوال أن يكون لديه مرافق -إلاّ في حالات خاصة جداً-، وفي هذه الحالات يقدم للمرافقين بعض النصائح ومنها لبس «الكمامات» وعدم لمس المريض، مبيناً أنّ الأطباء قد يواجهون إصراراً من بعض الأقارب على مرافقة المريض، والذين يحتجون بعدم تضررهم من مخالطة قريبهم المريض، وفي هذه الحالة الأفضل تبليغ قسم مكافحة العدوى والذي بدوره يقرر السماح بالمرافقة من عدمه، وأيضا تبليغ قسم الطب الوقائي الذي يرسل فريقا طبيا وقائيا استقصائيا لمنزل المريض، ويجري فحوصات لجميع المخالطين للمريض، وتحويل من اكتسب العدوى للعيادات اللازمة. د.طارق الأزرقي شروط المرافقة ولفت «د.الأزرقي» إلى أنّ المستشفيات لا تلتزم بشروط معينة للحد من وجود مرافقين للمرضى، بل هناك بعض الضوابط التي يمكن أنّ تعطى للمرافق وذلك لضمان سلامته وسلامة المرضى الآخرين، ومنها أن لا يتدخل بعمل الطاقم الطبي، وأن يبعد عن التطفل وزيارة غرف آخرى غير غرفة مريضه؛ لأن هناك مايعرف ب»عدوى المستشفيات»، وهو ما ينتقل لمريض مقيم من مريض جديد، وهذه العدوى قد تتسبب بانتكاسة المرضى؛ لأن العدوى الجديدة تؤثر على سير العلاج، وهنا يكون دور قسم مكافحة العدوى في عزل المرضى والمرافقين، وتقديم النصائح للطاقم الطبي، وتكثيف العناية بالنظافة والتطهير. جوّ صحي وقال «د.الأزرقي»: «نحن ندرك أنّ زيارات المريض تلعب دوراً هاماً في تعافيه، ومع ذلك علينا أن نضمن أيضاً سير العناية بالمرضى على أكمل وجه، وأن نحافظ على الأمن والخصوصية طوال فترة تواجد مرافقي المرضى داخل المستشفى، ولذلك يُسمح فقط للأشخاص من عمر(18) سنة وما فوق بمرافقة المرضى -باستثناء بعض الظروف الخاصة-، وإذا كان لمرافق المريض أي سؤال أو اقتراح بشأن خدمات رعاية المريض، فيجب أن يتحدّث مع الممرض المسؤول، ويتوجب على المرافق البقاء مع المريض الذي يهتمّ به، ولا يُسمح له بزيارة مرضى آخرين أو وحدات صحية أخرى من أجل تجنّب انتقال أيّ عدوى، وهناك بعض المرافقين يبلغوننا ببعض الأمراض المصابين بها كاستخدامه العلاج الكيماوي أو أنواعا من الأدوية المعينة التي تحتاج أن يكون في جو صحي ملائم، ولذلك ننصح بعدم مرافقته للمريض أو نوفر له البيئة المناسبة لصحته، والتي تضمن سلامته وعدم تأثره من الأمراض، وحتى عم تأثيره على المرضى الآخرين».