على أعتاب العشر الآواخر من هذا الشهر الكريم، وجه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بصرف معونة مالية يزيد قدرها عن المليار والثلاثمائة مليون ريال لجميع المستفيدين من الضمان الاجتماعي الذين يتجاوز عددهم السبعمائة وثمانين ألف حالة من الفئات الفقيرة والمحتاجة من الأسر والأفراد المسجلين في نظام الضمان الاجتماعي، لتضاف إلى ما يربو على العشرين مليار ريال التي يتم تحويلها إلى حساب الضمان الاجتماعي سنوياً من إيرادات مصلحة الزكاة والدخل، حصيلة الزكاة من الأوعية الزكوية المختلفة. من دون أدنى شك أن ما يخصص للضمان الاجتماعي من إيرادات المصلحة قد تحسن نسبياً في السنوات الأخيرة نتيجة توسع الأنشطة الاقتصادية في المملكة بالدرجة الأولى، إلا أنه لا يزال لا يعكس الواقع الفعلي للوعاء الزكوي المحلي، وبالذات المتعلق بعروض التجارة، فخلال العام الماضي مثلاً بلغت الضرائب على الشركات الأجنبية لوحدها، من غير ضرائب الشركات العاملة في قطاع البترول وفق ما نشر عن المصلحة، أكثر من 9 مليار ريال، من إجمالي إيراد زكوي بلغ نحو 20 مليار ريال (45%)، بينما بلغت الزكاة على عروض التجارة نحو 10 مليارات ريال فقط..! (50%)، وهو ما أشير أنه يمثل وعاء زكوياً تبلغ قيمته 400 مليار ريال، فمنذ إنشاء الضمان الاجتماعي منذ نحو خمسين عاماً لتنظيم مساعدة الفئات الفقيرة والمحتاجة من الأسر والأفراد ورعايتهم ضد العوز والحاجة، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم لهم، الذي يجنبهم ذل المسألة، ويحفظ كرامتهم، بلغ متوسط ما كان يتم اعتماده للضمان الاجتماعي سنوياً نحو ملياري ريال، بينما نراه العام الماضي قد تجاوز عشرة أضعاف هذا الرقم. لقد أنشئت في وكالة الضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية منذ عدة سنوات الإدارة العامة لاحتياجات الإسكان، لتتولى مهام فرش وتأثيث مساكن المستفيدين من الضمان الاجتماعي والوحدات السكنية لمشاريع المؤسسات الخيرية، التي تعنى بتوفير المساكن للمحتاجين، ومعروف أن الأسر بوجه عام ومنها الأسر المستفيده من الضمان الاجتماعي تنفق ما لا يقل عن 30% من دخلها الضماني - إن صح التعبير - على المساكن، استئجاراً في الغالب، خلاف التأثيث، ونظراً لأن الهدف من خدمات الضمان الاجتماعي هو مساعدة تلك الأسر المحتاجه مرحلياً إلى أن تتجاوز حالة العوز برفع معاناتها من الظروف التي تتطلب إنفاقاً عالياً، وفي مقدمة ذلك تكاليف السكن، فإن من الأجدر لمهام هذا الجهاز الذي استحدث للعناية باحتياجات الإسكان أن تمتد رعايته لأبعد من مجرد تأثيث مساكن المستفيدين، فيولي اهتمامه باحتياج تلك الأسر من المساكن، سواء مما يمكن توفيره من المؤسسات الحكومية المعنية بالإسكان، أو من الجمعيات الخيرية، أو حتى تخصيص جزء مما يتم تحويله للضمان الاجتماعي من مصلحة الزكاة والدخل لبناء تلك المساكن أو شرائها وإتاحتها للأسر الفقيرة والمحتاجة من المسجلين في قوائم الضمان الاجتماعي، فهذا مما سيقلل بشكل أساسي وجوهري من عدد الأسر المحتاجة للضمان الاجتماعي مستقبلاً، ويرفع من كفاءة الخدمات التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية ضمن هذا الإطار.