"عندما ترى أسامة يسبح، تشعر وكأنه مادة خام".. هكذا عبرت والدة السباح التونسي الشهير أسامة الملولي عن طبيعة ابنها بكلمات قليلة تنم عن الكثير. وبينما بدا لكثيرين أن الملولي ليس قادرا على تكرار ما حققه في أولمبياد بكين 2008 عندما فاز بذهبية سباق 1500 متر ليصبح أول سباح أفريقي يتوج بطلا أولمبيا على مستوى الذكور، كان الملولي على موعد جديد مع التألق والنجاح الأولمبي من خلال الدورة الحالية. ورغم اعتذاره عن عدم خوض سباق 400 متر، استهل الملولي مسيرته بإحراز ميدالية برونزية لم تكن متوقعة من قبل الكثيرين حيث حل في المركز الثالث بسباق 1500 متر رغم اتجاه الرهان الأكبر صوب سباق عشرة كيلومترات بالمياه المفتوحة وهو السباق الذي تأهل من خلاله إلى الأولمبياد الحالي. ولكن ذلك لم يكن كافيا للملولي الذي أراد إبهار الجميع بإنجاز أفضل لم يسبقه إليه أي سباح آخر حيث توج بسباق عشرة كيلومترات ليصبح أول سباح في التاريخ يحرز ميدالية أولمبية في كل من سباقات المسبح وأخرى في سباقات المياه المفتوحة. ولم يعد الملولي علامة مسجلة على المستويين العربي والأفريقي فحسب وإنما أصبح علامة بارزة أيضا في تاريخ السباحة العالمية. والمثير للدهشة أن الملولي كان مهددا بعدم المشاركة في الأولمبياد الحالي طبقا للوائح الاتحاد الأولمبي البريطاني (بوا) التي تنص على حرمان اللاعبين، الذين يثبت تعاطيهم المنشطات، عن المشاركة في الدورات الأولمبية مدى الحياة. وكان الملولي واحدا من الرياضيين الذين أدينوا في الماضي بانتهاك قواعد مكافحة المنشطات. ولكن آمال (بوا) في الحصول على موافقة بمنع الرياضيين البريطانيين المدانين سابقا في قضايا منشطات من المشاركة في الدورة الأولمبية تبددت بحكم من المحكمة الدولية للتحكيم الرياضي (كاس) والتي قضت بالسماح للرياضيين الذين قضوا مدة عقوبتهم بالمشاركة في الأولمبياد. وسبق للملولي أن قضى عقوبة بالإيقاف 18 شهرا بعدما كشفت اختبارات الكشف عن المنشطات تعاطيه مادة محظورة. وحالف الحظ الملولي في عام 2008 بانتهاء فترة عقوبته قبل أولمبياد بكين بفترة وجيزة فلم يكن أمامه سوى أسبوعين ولكنهما كانا كافيين للتأهل إلى الأولمبياد الذي أصبح من خلاله أول سباح أفريقي على مستوى الذكور يتوج بطلا أولمبيا وأول سباح عربي على مستوى الذكور والإناث يحقق هذا الإنجاز. وبعدها بعام واحد، أضاف الملولي إلى رصيده إنجازا آخر بإحراز ذهبية السباق ذاته (1500 متر) وفضيتي 400 و800 متر حرة. ولكن الإصابات التي لحقت به بعد ذلك منذ عام 2009 ، أثرت سلبا على مستواه مما أسفر عن نتائج مخيبة للآمال في بطولة العالم الماضية. وقال الملولي: "بعد كل التدريبات التي أديتها، وجدت أن أدائي ما زال قاصرا وفشلت في التأهل لنهائيات سباق 1500 متر. وبعد هذه الإخفاقات، قررت أن أتغير وأغير استراتيجيتي". وأضاف "وجدت أن أفضل فرصي ستكون في سباق عشرة كيلومترات بالمياه المفتوحة. وقررت أن أشارك في سباق 1500 متر بالأولمبياد ولكن دون المشاركة في سباق 400 متر حتى أركز في سباق المياه المفتوحة". وأكد الملولي أنه لم يحسم موقفه من الاعتزال بعد وأنه بحاجة إلى الاحتفال والفرحة بإنجازه الأولمبي والحصول على بعض الراحة أولا قبل اتخاذ قراره بهذا الشأن. وأوضح أن فوزه التاريخي بسباق عشرة كيلومترات بالمياه المفتوحة سيفتح الطريق أمام العديد من السباحين للمشاركة في كل من سباقات المسبح وسباقات المياه المفتوحة.