وصفوها من قبل بأنها «أعظم بعثة أولمبية في تاريخنا» وبعد مرور 12 يوما على انطلاق منافسات دورة الألعاب الأولمبية الحالية، أثبت اللاعبون البريطانيون أنهم على قدر المسؤولية ويستحقون هذه التسمية. فقبل أربعة أيام على نهاية أولمبياد لندن، جمع الفريق البريطاني إجمالي 48 ميدالية بما يفوق بالفعل إجمالي رصيده من الميداليات في أولمبياد بكين 2008 السابق بميدالية واحدة. كما حصدت بريطانيا في الأولمبياد الحالي 22 ميدالية ذهبية مقابل 19 ذهبية في أولمبياد بكين. والمذهل أيضا، أن إنجاز بريطانيا في الأولمبياد الحالي هو أفضل ما حققته البلاد منذ أولمبياد 1908، عندما كان الأولمبياد يضم ألعابا غريبة مثل «شد الحبل» وكانت الدول المشاركة في الحدث أقل بكثير من الآن. وحتى أكثر المتفائلين بحظوظ بريطانيا في أولمبياد لندن يشعرون حاليا بالإثارة البالغة بما تحقق حتى الآن، خصوصا وأن إنجازات بريطانيا في هذه الألعاب لم تقتصر على الرياضات التي تتفوق فيها عادة. فكما كان متوقعا، كانت فرق الدراجات (سبع ذهبيات) والتجديف (أربع ذهبيات) والشراع (ذهبية وفضيتين) هي حجر الأساس في نجاح البعثة البريطانية بلندن، فيما حققت جيسيكا إينيس (بمسابقة السباعي) ومو فرح (سباق عشرة آلاف متر عدو) إنجازين آخرين بمسابقات ألعاب القوى. ولكن هناك العديد من الرياضات الأخرى التي قدمت نجوما بريطانيين في هذه الألعاب مثل الترياثلون (الثلاثي) والرماية والقفز الاستعراضي ومسابقة الترويض ضمن منافسات الفروسية، فيما عرف فريق الجمباز البريطاني طريقه إلى منصة التتويج للمرة الأولى. وأكد رئيس البعثة البريطانية بأولمبياد لندن، آندي هانت، أن ما تحقق للبعثة من إنجازات حتى الآن جاء نتيجة للعمل الشاق من المدربين واللاعبين لعدة سنوات. وقال هانت: «ما تحقق هو نتيجة للالتزام المشترك الذي قطعه 541 لاعبا ولاعبة، يمثلون 26 رياضة، على أنفسهم بأن ينافسوا كفريق واحد لبريطانيا العظمى. وأن يفعلوا ذلك بطريقة تجعل بلادنا تفخر بهم». وأضاف: «إنه نتيجة لسنوات من التضحية والمعاناة، والتي ارتكزت على إنكار الذات من جانب المدربين وزملاء الفريق الواحد والآباء والمتطوعين والإدرايين والشعب البريطاني». وتابع هانت: «سيظل تركيزنا منصبا على الأداء الحازم فيما تبقى من أيام بهذا الأولمبياد الاستثنائي من أجل تشجيع لاعبي البعثة البريطانية على استمرار النجاح». وآتت الاستثمارات المالية الكبيرة في رياضات مثل الدراجات والتجديف على مدار ال15 عاما الأخيرة ثمارها حقا في أولمبياد لندن. ولكن الدراج البريطاني سير كريس هوي، الذي أحرز ذهبيتين بالألعاب الحالية ليصبح أول بريطاني يحرز ست ذهبيات أولمبية بمشواره الرياضي، أكد أن بلاده كلها تشهد تغييرا ملموسا في سلوكها. وقال هوي: «أعتقد أن بريطانيا اعتادت على التفكير في أنها فاشلة كبيرة.. ولم يتوقعوا حقا أن نفوز بميداليات». وأضاف: «ولكنني اعتقد أن البلاد شهدت تغييرا في ثقافتها الرياضية. خصوصا وأنك لديك الآن مجموعة من اللاعبين الذين لم يجربوا سوى النجاح.. واليوم كونك جزءا من الفريق البريطاني الأولمبي يعني أنك جزء من فريق فائز. إن بريطانيا كلها فخورة بما حققناه». وقالت فيكتوريا بندلتون، زميلة هوي بفريق الدراجات والتي أحرزت ذهبية وفضية في أولمبياد لندن، ببساطة: «إن النجاح يجلب النجاح». وأضافت: «ولكي تصبح عضوا بهذا الفريق يجب أن يكون مستواك هو الميدالية الذهبية.. وبذلك فإن اللاعبين الشباب الذين سينضمون إلى هذا الفريق في المستقبل سيكونون على علم بما يتطلبه الأمر وبما عليهم أن يفعلوه لتحقيق ذلك». وكان مسؤولو البعثة البريطانية أكدوا في بدايات أولمبياد لندن 2012 أنهم إذا نجحوا في حصد نفس رصيد ميداليات أولمبياد بكين فإنهم بذلك سيكونون حققوا نجاحا هائلا. ولكن قبل أربعة أيام على نهاية الحدث، نجحت هذه البعثة في الوصول لمستويات جديدة ربما لم تكن تعتقد أنها ممكنة.