مع الغروب لاتهاجر الطيور الغائبة عن مدينة الجفاف هذه إلى أعشاشها فحسب .. بل أنني حينما أتخيّل سربها المنقرض أتعلّق ولو ببقايا ريشة داخت من الريح وسقطت على عتبة بابي ... هكذا مع تتالي الوقت المتكرّر في صيف الرياض ..تبدو عجلات السيارة ملتصقة بطريق واحدة .. وعيناي شاخصة الرؤيا بلا رؤية ...حتى العابرون معي طرقات الوقت هم مثلي لايبحثون عني ولا يفتقدونني ... صيف الرياض سفرٌ ثريٌّ .. وبقاءٌ فقير .. أكثر مافيه حزنًا طفل يبيع مياه الظهيرة في شارع بلا رصيف مسؤول .. وأقل مافيه وجعًا انتباهنا إليه... عن الطقس ليس إلا غيمة رملية تنبع من جوف الصحراء محمّلة بالجفاف .. ثم تحملها الرياح رغما عن إرادة الرشيد فتمطر حيث شاءت لا حيث يشاء ..! الصيف في الرياض عقوبة الظن الشتوي الآثم .. كل هذا التطرّف المناخي ليس إلا انعكاسا لاعتدال لايكون ... وكل هذا التباين في فصولها ليس إلا لأنها مدينة الغرباء الذين جمعتهم على قسوةٍ سواء..! كم أحبها حينما لاتحبّني هذه الرياض .. وكم أتجنّب حوارها حينما لا أكون معها ... *** لمن نكتب الشعر يا سيد الشعرِ والعاشقات اللواتي جمعن لهنَّ الصباح استرقن المساء..! وغادرن أبراجنا غانيات يبعن لذعر الظلام الضياءْ لمن نكتب الشعر يا سيد الشعر والسادرون استراحوا ولم يحرثوا الأرض.. حتى نناغي السماء بكاءٌ بكاءْ فهب ماء عينيكَ.. أو لون صوتك.. أو هب لنا ما تشاء..!