أنبش أحيانا في أخيلة الشعراء.. وأعجب كيف أنهم - على رقتهم وضعفهم (الانساني) - ينتصبون بقاماتهم الفارعة وشهرتهم الذائعة .. فيأتون بمثل هذا البوح الجميل : متى ستعرف كم اهواك يا املا أبيع من اجله الدنيا ومافيها لوتطلب البحر في عينيك أسكبه او تطلب الشمس في كفيك أُلقيها .. وطبعا .. لا أحد يستطيع أن يسكب البحر في العيون .. ولا أن يضع الشمس في كفيْ من يحب .. لكنهم ( الشعراء ) .. وكلامهم الجميل الذي يهيمون به في السهول والتلال .. والوهاد والجبال .. هم يعرفون انهم يقولون مالا يفعلون ..لكنهم منحوا وجدان الانسان وحسه مذاقا شائقا .. ومزاجا رائقا .. وشعورا ترق له القلوب .. وتخفق وتحلق له الجوانح .. ومن ذلك كلام جبران : سكن الليل وفي ثوب السكون تختبي الاحلام .. وسعى البدر وللبدر عيون ترصد الايام .. وإنك لتشعر بانسكاب الظلام واختباء الاحلام كأنها صورة متحركة لايجفل الليل فيها من (البدر) .. حيث يلقي عليه غلالة رقيقة وشفافة ..هي اشبه بالوسن بين بؤبؤ العين وأهدابها : اسمعي البلبل مابين الحقول يسكب الالحان .. في فضاء نفخت فيه التلول نسمة الريحان .. وحين ينام ( الوشاة ) بعد أن تكل أعينهم الجاحظة ، المولعة باقتفاء الاثر .. لا تبقى مع القمر ساهرة الا النجوم الزاهرة : لاتخافي يافتاتي فالنجوم تكتم الاخبار.. وضباب الليل في تلك الكروم يحجب الاسرار .. ترى .. كيف يمكن ان يكون شكل هذه الارض بلا إبداع ( انساني)؟! وكم هو خارق ولانهائي مايصنعه المبدع ( الاعظم) .! سبحان الله ..الذي له في الكون آية جمال وإبداع في كل طرفة عين من ليل اونهار .! **** أعرف - ياصاحبي – انك اليوم متوعك المزاج .. لكني اعرف – ايضا- انك مجرد انسان له قلب بين اصبعين في يد الرحمن يقلبه كيف يشاء .. انك حالة انسان ( مخلوق) يتقلب مثل اختلاف الفصول .. واتجاه الرياح ..ومثل هذا البحر الذي يثور ويموج .. ويهدأ ويصخب ويتعب ..! نحن – ياسيدي – بشر .. وبشريتنا هذه سخر لها الله مافي الارض وما تحت السماء: بحر وشجر .. ونجوم وشمس وقمر .. وسحاب وتبر وتراب .. وماء ..وهواء وعوالم لاحصر لها تحيط بهذا الكون من اقصاه الى ادناه ..! ****. أحيانا يغدو عشق (التعب ) هوى ..تهدأ به الروح وتندمل الجروح : حامل الهوى تعب يستخفه الطرب ان بكى يحق له ليس مابه لعب.. وكما يكون ( البكاء ) ترويحا من التبريح .. يأتي ( التعب ) مُنسيا للألم كما يضع مبضع الجراح نهاية الالم المقيم بالالم العارض .