لعل البعض سوف يستغرب مثل هذا العنوان، فالعنوان يدل على علم محايد في تعاطيه مع الثقافة التقليدية وكنت أقصد من خلال هذا العنوان أن أقول أن الموارد التي اهتمت بنبذ البدعة ومحاربتها في النسيج الاجتماعي، من الممكن استعمالها كموارد لصور الثقافة التقليدية التي كان يمارسها الناس عبر العصور. ومن الكتب التي تعرفت عليها مبكرا في هذا الباب كتاب "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" تأليف محمد الشقيري الحوامدي هذا الكتاب رصد فيه المؤلف الكثير من البدع التي كانت منتشرة في زمنه وفي بلده مصر، كما قام بوصف هذه البدع وصفا دقيقا يساعد كل باحث اجتماعي في دراسة الظاهرة مجال البحث، كما أن الكتاب صدر مبكرا في بداية القرن العشرين إن الممارسات الاجتماعية عبر العصور العربية لم تُرصَد حتى هذه الساعة، وما وصلنا من كتب ومدونات فهي ترصد مجتمع النخبة ونخبة النخبة، اما حياة الدهماء والسوقة والرعاع والباعة وغيرهم من اطياف المجتمع فلا يوجد من سجل طرق عيشهم، أو معيشتهم، أو حكاياتهم او أشعارهم أو أفكارهم.. نحن نجهل كيف عاش أهل بغداد أو مكة أو المدينة ونجهل الكثير من حياتهم الثقافية الشعبية بمقابل أننا دوّنا انساب الحمام ، والحمير ، واسماء الكلاب وطرق الطبخ ، وغير ذلك لا للعامة أو الشعب بل للنخبة. فحينما نكتب عن الطبيخ او البيزرة أو الأنبذة فبسبب أنها الثقافة المطلوبة من النديم فالكتب كتبت عموما للنخبة، وعن النخبة وما سوى ذلك فهو يمر كشاردة هنا أو هناك ما أريد قوله يجب اعادة النظر بالمادة المكتوبة ويجب أن نتعامل معها على أنها لا تمثل كل الثقافة الإسلامية العربية فهناك ثقافة همشت، ونسيت لصالح من كان بيده التدوين والقلم، ويجب التنقيب عن هذه الثقافة بين سطور ما وصلنا من مدون فنحن بحاجة لأن نفهم مجتمعاتنا ككل سواء كانت فئة صامته أو ناطقة.