ما أحوجنا حقاً أن نسمع توجيهات كريمة كتلك التي صدرت من سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله - هذا الأسبوع حول ضرورة " تفعيل فرص العمل للمواطنين، وتدرجهم الوظيفي الذي يحقق طموحاتهم بصبرهم واجتهادهم في مواصلة العمل للوصول إلى الأفضل " ، وما أحوجنا " أكثر " إلى أن تنفذ هذه التوجيهات وتركز الجهود لتحقيقها فعلياً في أرض الواقع . فواقع البطالة بين الجنسين في بلادنا ماعاد يمكن المماطلة والتسويف في حله، ولا يوجد أي مبرر لوجود بطالة – أصلاً – في بلاد أنعم الله عليها بالخيرات المباركة ، بإمكانها لو أحسن استثمارها وتوزيعها لكفّت الجميع وفاضت . وليس خيراتنا - وحسب - هي نافذة الكفاية التي نرجوها، وإنما أيضاً تلك الاستثمارات العربية والأجنبية التي فتحنا لها أبواب بلادنا على مصراعيها ، حتى باتت السعودية " في المرتبة الأولى عربيا كأكبر دولة مضيفة للاستثمارات الأجنبية المباشرة بتدفقات بلغت 16400 مليون دولار وبحصة بلغت 38.2% من الإجمالي " - وفق ما ورد هذا الأسبوع في تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان) حول مناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2011 . في ظل وجود استثمارات أجنبية واسعة ومتنوعة مثل هذه كيف تبقى يد وطنية عاطلة عن العمل ؟ شعبنا السعودي شعب فتّي حسب الإحصائيات الأخيرة للسكان، ونسبة المتعلمين والمتعلمات فيه نسبة عظمى، على اختلاف مستوياتهم ، وتخبرنا الإحصائيات أننا من الدول الأكثر استعمالاً للتقنية الحديثة، فما الذي يجعلنا في بطالة ؟ لاعذر أبداً، ولا مبرر، لهذه البطالة .. مهما بلغت نسبتها ! ومن يقول لنا إن القضية تتعلق بالتخصص والمهنية ، أو بسوء التخطيط ، أو بوجود الفساد الإداري ، فنقول له أن هناك تدريباً وتأهيلاً مركز وفعال ينتهي بالتوظيف ، ولدينا هيئة فساد يفترض بها أن تعمل على قدم وساق – يعاضدها كل مواطن - لاجتثاث كل فساد في كل بقعة من أرضنا الطاهرة ، وهناك حكومة راشدة تعمل على تحقيق العدل باختيار الكفاءات الإدارية المناسبة لإدارة الجهات وفق ما يقضي حاجات العباد وييسر أمورهم ويسهّل لهم سبل العمل والاستثمار وتمدهم بالدعم الذي يحقق لهم حياة كريمة بسواعدهم بدلاً من أن يتسولوا في مطلع كل شهر من " حافز " وغيره .. فكيف يبقى بعد هذا بطالة في بلادنا ؟