وقع نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وزعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان (حركة التمرد الجنوبية) أمس الأحد في نيروبي اتفاق السلام النهائي في جنوب السودان.ووقع طه وقرنق الاتفاق بحضور عدد من رؤساء دول وحكومات أفريقية وعدد من ممثلي المجتمع الدولي بينهم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول. ونظم الحفل في «نيابو» أحد ملعبي نيروبي الكبيرين بالقرب من وسط المدينة. كما وقع كل من الرئيس الكيني مواي كيباكي والاوغندي يويري موسيفيني بصفة «شهود» على هذا الاتفاق بحسب البرنامج الرسمي للاحتفال. وموسفيني هو رئيس السلطة الإقليمية الحكومية للتنمية (ايغاد) وهو تجمع يضم سبع دول نظمت الوساطة في عملية السلام هذه. ووقع باول أيضاً الاتفاق مع شهود آخرين بينهم وزيرة التعاون الدولي النرويجية هيلدا جونسون. ويضع هذا الاتفاق حدا ل 21 سنة من الحرب الأهلية التي كانت اطول نزاع جار في القارة الأفريقية. واندلعت هذه الحرب في 1983 عندما تمرد «الجيش الشعبي لتحرير السودان» المنبثق عن الجنوب السوداني حيث أغلبية السكان من المسيحيين والارواحيين، على الشمال العربي المسلم. واسفر النزاع عن مقتل 1,5 مليون شخص على الأقل ونزوح حوالي أربعة ملايين شخص. لكن هذا الاتفاق لا يعني أن السلام قد عمَّ السودان حيث اندلع نزاع آخر في شباط/فبراير 2003 في إقليم دارفور (غرب) واسفر عن مقتل أكثر من سبعين ألف شخص ونزوح حوالي 1,6 مليون شخص. إلا أن السلام في الجنوب يشكل دفعاً مهماً لتقديم المفاوضات بين حكومة الخرطوم وحركات التمرد في دارفور. وقالت جريس داتيرو البالغة من العمر 35 عاماً وهي جنوبية عاشت في كينيا لمدة 14 عاماً منذ أن دفعتها الحرب لترك منزلها «رائع. لو كان لدي جناحان لحلقت في السماء. بالطبع ستكون (العودة للسودان) صعبة بالنسبة للأطفال ولكننا أوضحنا لهم أن الوطن أفضل». وكانت جريس جالسة وسط مجموعة تتزايد من المنفيين واللاجئين يتابعون راقصين سودانيين وكينيين وهم يقفزون ويدورون ويقرعون الطبول احتفالاً بالسلام القادم. وقال الموسيقي مالك مالوال (25 عاماً) من منطقة ابيي السودانية والذي ترك وطنه منذ 12 عاماً «نحن في غاية السعادة اليوم «أمس». لا نريد المزيد من اراقة الدماء في جنوب السودان. أريد أن أعود للوطن». ويقول دبلوماسيون إن اتفاق السلام يمكن أن يكون نموذجاً لصراع منفصل في منطقة دارفور بغرب السودان. وقالت عوضية الخطيب المسؤولة الحكومية في الخرطوم التي تزور نيروبي من أجل مراسم التوقيع على الاتفاق «هذا يوم عظيم بالنسبة لنا. نحن (في الشمال) عانينا أيضاً». ومضت تقول إن حكومة الرئيس السوداني عمر حسن البشير هي أول حكومة جادة تجاه إحلال السلام في البلاد مضيفة أنه إذا كان قد جرى التوصل لحل لهذه الحرب فإن أزمة دارفور ستنتهي أيضاً.