في حين يشير الكاتب الفرنسي إينياسيو رامونيه إلى عدم دقة مصطلح الإرهاب وأن العنف كان ضروريا في بعض الأحيان فإنه يشدد على أن أمريكا لم تثبت وجود علاقة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة كما لم تستطع الربط بين الحرب على العراق والحرب على ما تعتبره إرهابا. وقال رامونيه في كتابه (حروب القرن الحادي والعشرين) إن الرئيس الأمريكي حتى لو كسب الحرب فإنه «من غير المؤكد أن السيد بوش سيكون قد تخلص مما يسميه الإرهاب لأن تعبير (إرهاب) غير دقيق ويجري استخدامه منذ قرنين للوصف بلا تمييز لكل أولئك الذين يلجأون خطأ أو صوابا إلى العنف في سبيل محاولة تغيير النظام السياسي. وقد أثبت التاريخ شئنا أم أبينا أن هذا العنف كان ضروريا في حالات بعينها.» والكتاب الذي ترجمه الكاتب المصري خليل كلفت ويقع في 192 صفحة من القطع الكبير يحمل عنوانا فرعيا هو (مخاوف وأخطار جديدة) وصدر بمصر عن دار العالم الثالث بالتعاون مع المركز الفرنسي للثقافة والتعاون بالقاهرة. ونفى رامونيه الذي يرأس تحرير صحيفة (لوموند ديبلوماتيك) الفرنسية الشهرية وجود دليل على «تواطؤ من أي نوع بين الفاعلين الأصليين وراء الهجمات الشريرة في 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ونظام صدام حسين. ما من دليل. ولم تستطع السلطات الأمريكية والسلطات البريطانية حتى بعد الانتصار العسكري إثبات أنه كانت هناك صلة بين شبكة القاعدة وصدام حسين كما لم تستطع إثبات أن الهجوم ضد العراق تربطه صلة من أي نوع بالحرب ضد الإرهاب الدولي.» ووصف الأممالمتحدة بأنها أصبحت بالحكم الذي يخضع لتأثير العضو الأقوى والأكثر تشددا في النادي بعد أن أثبتت وقائع كثيرة في عدد من مناطق النزاع في العالم خضوعها لما أطلق عليه شروط واشنطن وصارت جدارة الأممالمتحدة بالاحترام «قريبة من درجة الصفر وغدت متهمة بالكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بتقييم مشكلات العالم وفقا لما إذا كان أحد الأطراف حليفا أم خصما للولايات المتحدة.» وقادت الولاياتالمتحدة في ديسمبر - كانون الأول 2001 حربا على تنظيم القاعدة وأسقطت نظام طالبان في أفغانستان كما شنت يوم 19 مارس اذار 2003 حربا على العراق وأسقطت نظام الرئيس المخلوع صدام حسين في التاسع من ابريل نيسان من العام نفسه وأعلنت احتلالها العراق. ووصف رامونيه العنف السياسي العالمي بأنه قليل إذا ما قورن بما اعتبره بؤسا مفزعا وظلما لا ينتهي وتعاني منه غالبية سكان الكوكب حيث إن العالم الذي أقامته العولمة الليبرالية الجديدة في الخمس عشرة سنة الأخيرة «بتواطؤ عدد كبير من القادة حافل بعف ولا مساواة لم يسبق لهما مثيل. يموت 30 ألف شخص كل يوم لأنهم شربوا مياها ردئية وهو عشرة أمثال عدد ضحايا هجمات 11 سبتمبر. ويموت 30 مليون شخص جوعا كل عام في حين أن الإنتاج الزراعي العالمي من الوفرة بحيث يسمح بتغذية عدد يصل إلى ثمانية مليارات شخص.» وأضاف أنه «بسبب نقص الأدوية يموت طفل صغير أو فتاة أو صبي من أمراض يسهل علاجها كل ثلاث ثوان.» وتساءل «أليس من المفارقات (في ظل هذا البؤس) أن يكون هناك هذا القليل إلى هذا الحد من العنف السياسي..» ومن المفارقات التي أشار إليها أيضا أن وسائل الإعلام تتحدث كثيرا عن الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر في حين تضاءل العنف السياسي «بشدة» مقارنة مع الوضع الذي كان سائدا منذ أعوام في عدد من الدول بأمريكا اللاتينية وافريقيا واسيا وأوروبا إضافة إلى جماعات العنف السياسي مثل الفهود السود والبورتريكيين في الولاياتالمتحدة وجبهة تحرير كيبيك في كندا كما اختفت الألوية الحمراء في إيطاليا ولا تبقى سوى منظمة إيتا لسوء الحظ في إقليم الباسك الاسباني.» وذكر أن الولاياتالمتحدة «زرعت دكتاتوريات في كل مكان تقريبا وبصورة رئيسية في أمريكا الوسطى ومنطقة الكاريبي.» وأضاف أن حجة الدعاية الأمريكية ممتازة تحت شعار الموت في سبيل الديمقراطية غير أن «الواقع أقل سموا.. غزو النفط العراقي. كان الهدف الحقيقي الموجه ضد بغداد هو النفط ولم يكن الباقي سوى ذرائع زائفة وكانت الأممالمتحدة تعرف هذا وكانت تعرف أنه بالقرار 1441 أو بدونه لا مناص من أن تهاجم الولاياتالمتحدة.» ونص قرار الأممالمتحدة رقم 1441 الذي جرى تبنيه في نوفمبر تشرين الثاني 2002 على أن «العراق سيتعرض لعواقب وخيمة في حالة استمراره في عدم الوفاء بالتزاماته» بشأن نزع الأسلحة.