تشير الدراسات إلى أن متوسط الإصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه بين الأطفال في المملكة 15.5 بالمائة، وهي تمثل ثلاثة أضعاف نسبة الإصابة العالمية، رغم أن الدول المتقدمة سبقتنا كثيرا في وضع برامج للمعالجة والاهتمام بهذه الفئة، كما أن 86% من أسباب وجود الاضطراب بالمملكة يرجع للوراثة وزواج الأقارب، إلى جانب أن 35% من المصابين فيه يتعرضون للطرد من المدارس، في حين أن 20% منهم يتوقفون عن الدراسة، إضافة إلى أن فرط الحركة وتشتت الانتباه يعد أكثر الحالات انتشاراً لدى عيادات الأعصاب والطب النفسي للأطفال، حيث تصل نسبة الإصابة به إلى 10% لدى الأطفال في المرحلة الابتدائية، وتستمر معاناة الكثير من المصابين حتى الكبر لكن بأشكال وأعراض مختلفة، مع صعوبة ملاحظة أعراض المرض داخل الأسرة أو المدرسة في وقت مبكر، وتفاوت أعراضه من شخص لآخر، والاهم من ذلك ولا بد الإشارة إليه، هو أننا نفتقد إلى دراسة شاملة لتحديد نسبة المصابين في جميع مناطق المملكة لكون الأرقام السابقة مبينة على دراستين قديمتين أجريتا في العام 1998 حتى عام 2001، إحداهما في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض وكشفت أن هناك نسبة تعادل 12% من عينة الدراسة تعاني من تشتت الانتباه وفرط الحركة، والأخرى أجريت على طلاب المرحلة الابتدائية بالمنطقة الشرقية، وأفادت أن نسبة الإصابة بهذا الاضطراب تتراوح بين 12% إلى 16%. ونظرا لحجم المشكلة تفاعل مجلس الوزراء - بعد النظر في قرار مجلس الشورى رقم (35/50) وتاريخ 3/7/ 1429ه - معها وقرر الموافقة على " المشروع الوطني للتعامل مع الأطفال ذوي تشتت الانتباه وفرط الحركة " بتاريخ (8/1/1430ه)، إلا أن أهالي الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه لا زالوا ينتظرون ويطالبون بسرعة تفعيل قرار المشروع - الذي مضى عليه أكثر من سنتين - واعتماد اللوائح التنفيذية الخاصة به لضمان حصول أبنائهم المصابين على الرعاية وتلقي الخدمات الصحية من التأهيل والعلاج، والخدمات التربوية والاجتماعية من التعليم في برامج الفصول الملحقة في مدارس التعليم العام التي لم تر النور حتى الآن إلى المراكز الخدمية التي تسهم في تحقيق الاندماج لهم في المجتمع وتقبل الآخرين، ولن يتم ذلك على أكمل وجه إلا بتفعيل المشروع الوطني الذي يتولى مهمة التنسيق والمتابعة بين الجهات الحكومية والخاصة التي نص عليها القرار لتقديم الخدمات المناسبة للمصابين ويكفل حصولهم على حقوقهم مع سن الأنظمة والتشريعات التي تدعم احتياجاتهم، وبلا شك - ما يحس بالنار ألا واطيها - أهالي الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه هم اقرب للمشكلة وأكثر من يصفها ويقدر حجمها وأبعادها وتكاليف علاجها والتخفيف من حدتها، وهذا ما دعاهم إلى المطالبة بسرعة تفعيل القرار الذي طال انتظاره.