جاء في الاخبار ان القضاء في فرنسا بدأ التحقيق مع الرئيس السابق لشركة "فرانس تليكوم" بسبب حدوث حالات انتحار في الشركة يعتقد انها نتيجة اساليب العمل القهرية فيها. وفي حالة ادانته فسوف يدخل السجن ويدفع غرامة مالية. ويشير تقرير المفتشين الى أن المتهم وغيره من مديري الشركة عرضوا حياة الموظفين للخطر بسبب الاساليب الشديدة في التعامل مع الموظفين مما دفع بإحدى النقابات العمالية برفع شكوى تتهم فيها رئيس الشركة بتعمد ايجاد اجواء ضاغطة لاجبارهم على ترك العمل بهدف تخفيض العمالة وخفض النفقات. وقد استغنت الشركة عن اكثر من (20) الف عامل اثناء رئاسة المتهم لها كما وقع حوالي (30) حالة انتحار خلال تلك الفترة. القصة السابقة لم تنته بعد لأنها لاتزال تحت التحقيق والحكم فيها متروك للقضاء، لكن اجدها فرصة للتأكيد على اهمية الجوانب الانسانية في بيئة العمل. كما اشير الى وجود سياسة يمكن ان نسميها (التطفيش) بمعنى ان المدير اذا اراد ان يتخلص من موظف لا يعجبه فإنه يبدأ في تقريعه لأتفه الاسباب او حتى بدون سبب!! وما أكثر القصص التي تؤكد هذه الملاحظة. المثال السابق هو جزء بسيط من منظومة شاملة تسمى بيئة العمل ذات جوانب مادية وانسانية وتشكل اهم العوامل المؤثرة في موضوع الرضا الوظيفي. تلك المنظومة تتكون من عدة عناصر منها الانظمة والسياسات، والانماط القيادية والاساليب الادارية، وانظمة الحوافز، وتقييم الاداء، وفرص التدريب والتطوير، والقيم السائدة مثل الشفافية، والمشاركة، والعمل الجماعي، ونظام الاتصالات ونوعية العلاقات الرسمية وغير الرسمية... الخ. ولو نظرنا في واقع بيئة العمل لدينا فانها لا تختلف عن غيرها فهي ذات بعدين؛ مادي، وانساني.. اما البعد المادي فهناك تفاوت في مستوى مكان العمل وتجهيزاته واثاثه ومكاتبه وموقعه وخدماته. بعص الاجهزة تبدو وكأنها فندق خمسة نجوم، وبعضها الآخر يحتاج الى كثير من التحسين والخدمات، وبعضها تعمل في مبان قديمة جدا ولا مجال لتحسينها لانها خارج الخدمة. ولابد من وجود معايير تطبق على بيئة العمل للتأكد من صلاحيتها. أما البعد الانساني في بيئة العمل فهو اكثر اهمية من البعد المادي لأن هذا البعد يتعلق بالعلاقات الانسانية، وحقوق الموظف الانسانية، وبالقيم الاخلاقية مثل المصداقية، والعدالة، والتقدير... الخ. ان تقييم الجوانب الانسانية في بيئة العمل يختلف في درجة الصعوبة مقارنة بالجوانب المادية ولكن من الممكن تقييم هذه الجوانب من خلال دراسات الرضا الوظيفي بصفة مستمرة فهذه الدراسات مفيدة للفرد والمنظمة فهي تمنح الفرد فرصة التعبير عن آرائه ومشاعره، ثم تقدم للمنظمه نتائج يستفاد منها في التطوير ومعالجة أي خلل او تقصير. السؤال الآن هو: كم عدد المؤسسات او الأجهزة العامة او الخاصة التي تقوم بإعداد دراسات عن الرضا الوظيفي بشكل مستمر؟