يمثل أمام المحكمة العليا في البرازيل اعتبارا من الخميس 38 شخصاً متورطين في أكبر فضيحة فساد سياسي في البلاد شملت حزب العمال الحاكم منذ عشر سنوات وكادت ان تحول دون اعادة انتخاب زعيمه الرئيس السابق لولا في العام 2006. وستشهد «محاكمة القرن» كما تصفها الصحف المحلية مثول وزراء سابقين ونواب ومتعاقدين ومصرفيين متورطين في شبكة يشتبه بقيامها بشراء اصوات في البرلمان بتنظيم من حزب اليسار بين 2002 و2005. وترمز القضية المعروفة ب»مينسالاو» اي الاقساط الشهرية الى ممارسة منتشرة على نطاق واسع في البرازيل وهي دفع اموال للمؤيدين السياسيين. وسيتعين على المتورطين في القضية والذين يمثلون دون اكراه الرد على اتهامات حول نظام متقن لشراء دعم مؤيدين في الكونغرس للحكومة خلال الولاية الاولى للويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2007)، بحسب الاتهام. واستعبد القضاء اي دور للولا مؤسس وزعيم حزب العمال، الا ان الفضيحة كادت ان تكلفه اعادة انتخابه في العام 2006. الا ان الحزب الذي لا يزال في السلطة تحت رئاسة ديلما روسيف، خسر نتيجة ذلك جيلا من القادة التاريخيين وصورة النزاهة التي كان يتمتع بها منذ تأسيسه خلال حكم الدكتاتورية (1964-1985). واوضح كارلوس بيريرا الاستاذ في مؤسسة جيتوليو فارغاس ان هذه القضية هي محاكمة «حكومة قامت بممارسات غير قانونية للحفاظ على قاعدتها الحليفة في الكونغرس». واضاف بيريرا ان نتيجة المحاكمة ستكون بمثابة «اشارة بالعقاب او بالصفح» إزاء الفساد. ووجهت الى المتهمين ال28 تهم الاثراء وتبييض الاموال والفساد والتزوير وهي جنح يمكن ان تصل عقوبتها الى السجن 45 عاما. ومن بين المتهمين قادة معروفون في حزب العمال منهم ثلاثة وزراء سابقين هم جوزيه ديرسو (مدير مكتب لولا) ولويس غوشيكن (الاتصالات) واندرسون ادوتو (النقل) وعشرة نواب سابقين من اربعة احزاب من التحالف المؤيد للرئيس انذاك. وظهرت الفضيحة في العام 2005 عندما كشف نائب من التحالف هو روبرتو جيفرسون للصحف نظام الفساد القائم بعد اعتراضه على توزيع السلطة. وكان نظام «مينسالاو» يقوم بواسطة قطب اعلانات يترأس شركات عدة هو ماركوس فاليريو دي سوزا الذي حصل على عقود لتنظيم حملات دعاية للحكومة وكان يحول قسما من المبالغ المخصصة الى النواب الحلفاء بينما يسعى في الوقت نفسه الى قروض مصرفية لملء صناديق حزب العمال. الا ان مسؤول خزينة الحزب والعنصر الرئيسي في التركيبة، ديلوبيو سواريس نفى دفع مبالغ شهرية للنواب الا انه اقر بارتكاب جنحة عندما لم يودع كل الاموال التي دفعت للحزب. وسواريس هو المتهم الوحيد الذي اقر بجزء من المسؤولية بينما يصر الاخرون على براءتهم. ونفى لولا دائما اي علم له بالفساد. وقدم انذاك اعتذارا رسميا مؤكدا تعرضه للخداع. واكد حزب العمال في بيان قبل بدء المحاكمة «لم تحصل اي عملية شراء لأصوات في الكونغرس ولا دفع لنواب لقاء التصويت لصالح الحكومة». وتبرز هذه القضية نقاط الضعف العديدة للنظام السياسي في البرازيل مثل تمويل الحملات الانتخابية من قبل افراد وكلفة التحالفات الضرورية لتولي الحكم، لأن نظام الانتخابات يحول دون حصول حزب واحد على الغالبية في مجلس النواب.