تتجلى الأجواء الروحانية في الإفطار بالمسجد النبوي الشريف، حيث يحتضن أطهر ثرى يضم قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومجاورة سيد الخلق بفيض من الخشوع.. بين ناسك قائم ومتضرع مبتهل.. ومن فاضت عيناه بالدموع خشوعاً.. وراكعون وساجدون.. وآخرون ذهبوا للسلام على قبر خير البرية، والتبتل إلى الله في الروضة الشريفة.. وقارئون لكتاب الله.. وزائرون يسبحون.. قبل أن يتحلّقون على موائد إفطار أعطت صوراً رائعة للعطاء الإنساني والتكافل الاجتماعي المنطلق من مبادئ الدين الحنيف.. الكل يلهج بالدعاء والذكر.. والبعض يستغل جزءاً من الوقت في رواية مواقف رمضانية لم ينسونها في أجواء روحانية عطرة في المسجد النبوي الشريف. روحانية وخشوع وقال "أحمد سيد" -زائر مصري-:"ما أجمل رمضان في هذه الأجواء.. روحانية وخشوع أكثر من أي مكان آخر.. حيث يتجرد الزائر عن جميع ما يشغله من أمور الدنيا.. ويذكر صلته بربه.. وقربها منها". وتحدث "زاهد كريم الرحمن" -مقيم باكستاني- عن مدى تعلقه بالمسجد النبوي الشريف، مبيناً أنه يحرص على الصيام والإفطار فيه، والبقاء والبقاء حتى أداء صلاة التراويح ثم العودة لمسكنه، منوهاً أن هذه الأجواء لا يضاهيها شيء، حيث يرمي بهموم الحياة ومشقتها جانباً منذ دخوله عتبة الحرم النبوي الشريف. سكينة وخشوع مصلون يتناوبون على الأمكنة في الروضة الشريفة وفي زوايا المكان المفعمة بالسكينة والخشوع، تجد الناس يتوافدون لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، متضرعين إلى المولى -عز وجل- أن لا يكون هذا آخر عهدهم به، وأن تتجدد الزيارات عاماً بعد آخر، وفي الروضة الشريفة آخرون يتعبدون، وبين الحصوتين وقرب الأعمدة المرتبطة بالعهد الأول، والدكات التاريخية، تجد من يعيش أجواءً روحانية خاصة بعيداً عن الدنيا. ولا يشق الصمت الروحاني إلاّ تمتمة يصدرها من يوزع سلال الغذاء أو يقدم ماء زمزم بارداً محتسباً الأجر والمثوبة من الله بأسارير تفيض محبةً ومودةً لإخوانه، وبين القائمين على هذه السفر مسنون وشباب وأطفال يسعون جاهدين إلى خدمة الصائمين والزوار، ومع ما يبذل بشكل خاص مساندة لمنظومة خدماتية متكاملة للجهات الحكومية تدشن أعمالاً مكثفة طيلة الشهر المبارك، وتُشرف عليها "وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي"، بدءاً بالتنظيف والفرش وتجهيز حافظات الماء، إلى جانب كراسي المعاقين، والحرص على التنظيم وراحة الجميع على مدار الساعة ضمن مجموعة كبيرة من الخدمات التي لا يمكن حصرها وينعكس أثرها المباشر على الزائرين. كل من يتواجد في هذا المكان الطاهر يعيش وقتاً استثنائياً، ويستحضر تاريخ زمن النبوة الأول، ويطوف بعالم ملؤه الطهر والمحبة حتى يصدح المؤذن بالآذان إعلاناً بدخول وقت صلاة المغرب ودخول وقت الإفطار، والكل مقبل بقلبه قبل جسده تجاه القبلة، لرفع أكف الضراعة، رجاء القبول، قبل تناول الرطب وشرب الماء تيمّناً بالسنة النبوية في أجواء إيمانية يعيشها الجميع كباراً وصغاراً. صائمون حجزوا أماكنهم مبكراً في ساحات الحرم أجواء روحانية يشهدها المصلون في مسجد الرسول