جاء الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، بتولي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولاية العهد ، بمثابة اختيار وافق أهله . فمنذ أن تولى الأمير سلمان وزارة الدفاع خلفا لأخيه الأمير سلطان رحمه الله العام الماضي ، كان واضحا أن اختياره كرجل ثالث بعد الأمير نايف رحمه الله يدل على عمق نظرة الملك عبد الله. فالأمير سلمان الذي جسد استحقاقا طبيعيا لولاية العهد ربما كان أحد رموز الإجماع بين إخوانه الملوك والأمراء الأمر الذي يفسر لنا تلك الحاجة الملحة إلى تعيينه في منصب ولاية العهد . وبتعيينه وليا للعهد يدخل الأمير سلمان مرحلة مضافة إلى سجله العريق في تولي المهام الصعبة ، وما يتصل بها من قدرة على الاستجابة للتحديات التي تفرضها عليه مهام الحكم . لقد حفلت حياة الأمير بمراحل مختلفة في تولي المهام المتعددة منذ أن كان شابا في حياة والده الملك عبدالعزيز رحمه الله، ثم تواصلت نجاحاته الباهرة التي عكست وعيا متقدما بإدراكه العميق لتنفيذ مهام القيادة على أكمل وجوه الأداء. فكانت سنواته الطويلة في إمارة مدينة الرياض خير دليل على تلك الثقة التي أولاها له أخوه خادم الحرمين الشريفين في ولاية العهد. فقد جسد الأمير سلمان خلال توليه لإمارة مدينة الرياض منذ العام 1375ه 1955م، انجازات شهدت الرياض من خلالها على يديه تطورات هائلة في العمران والبنية التحتية، وبناء المؤسسات، والإشراف على الكثير من اللجان الخيرية والاجتماعية، الأمر الذي جعل الأمير سلمان على تماس مع هموم المواطنين وحاجياتهم من خلال مجلسه العامر بإمارة مدينة الرياض حتى انتقل إلى منصب وزير الدفاع خلفا لأخيه الأمير سلطان رحمه الله . ورغم قصر المدة التي قضاها الأمير سلمان وزيرا للدفاع إلا أن استحقاقه الأكبر كان على قدر بتولي ولاية العهد خلفا لأخيه الأمير نايف رحمه الله . تميز الأمير سلمان بقدرته على سلوك المنهج الوسط في مقاربته للأمور ومعالجته للمشكلات . وهي صفة تجمع بين الحزم والعدل الأمر الذي جعله يحظى بمكانة مرموقة في قلوب محبيه من جميع أبناء الشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية . لقد حفل سجل الأمير بالكثير من المواقف والمهمات التي كشفت عن حنكته وحزمه وقدراته المتميزة في التواصل مع الجميع من خلال تواضعه واستماعه للناس وتفهم مشكلاتهم ، ومعالجتها بكل ما أوتي من حكمة وحكم وحس قيادي ذكي يسمح له دائما بالقدرة على صياغة أحكامه بتوفيق وإحكام يرضي به الخصماء . يتولى الأمير سلمان ولاية العهد في زمن أصبحت فيه المملكة ذات مكانة عربية وإقليمية ودولية تتوازى مع ثقلها الكبير في الاضطلاع بالكثير من ملفات السياسة الخارجية . وهي مرحلة تتطلب شخصا كالأمير سلمان حفظه الله في منصب ولاية العهد ، لأنه أحد الذين ساهموا في التواصل مع إخوانه العرب والمسلمين عبر توليه العديد من المبادرات واللجان التي كانت تهتم بقضاياهم. فقد عرف الأمير سلمان العمل السياسي منذ صغره في مجلس والده الملك عبدالعزيز، وشارك في العديد من المهام الخارجية منذ مطلع شبابه، كما تم تكليفه بتمثيل المملكة في عدد من المؤتمرات والاجتماعات على مدى خمسة عقود متتالية. ومنذ أن تولى الأمير سلمان دعم لجنة التبرع لمنكوبي حرب العدوان الثلاثي بالسويس عام 1956 توالت مهامه الأخرى في دعم التواصل مع أشقائه العرب والمسلمين فكان من المهام التي تولاها: الإشراف على اللجنة الشعبية لدعم المجهود الحربي في مصر وسوريا في حرب أكتوبر عام 1973. وفي العام 1990تولى الأمير سلمان إدارة إيواء ومساعدة الكويتيين إثر الغزو العراقي لدولة الكويت، إضافة إلى دعمه ومتابعته لجمعيات البر المحلية والجمعيات المخصصة لمساعدة المرضى. و خلال كل هذه السيرة العطرة الحافلة بالعطاء وتولي المهام الصعبة والممارسة الطويلة ذات الخبرة الواسعة في إدارة وصناعة القرارات المتصلة بشؤون الدولة في المهام التي أوكلت له ، أثبت الأمير سلمان حنكة متميزة وأداء مشرفا ظل باستمرار بمثابة السلم الذي اعتلى عليه ودرج من خلاله على مختلف المناصب القيادية وصولا إلى ولاية العهد لخادم الحرمين الشريفين. إن الأمير سلمان هو أحد حكماء هذا الوطن الغالي وبتشريفه لمنصب ولاية العهد سنكون على موعد مع المزيد من البذل والعطاء كما عودنا دائما وكان عند حسن ظن مليكه ووطنه وشعبه. * محام ومستشار